responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 336
رَجُلَيْنِ يَصْطَحِبَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَقِيلَ: هُمَا صَدِيقَانِ.
فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِهِمَا فَقِيرٌ وَالْآخَرِ غَنِيٌّ. وَأَمَّا الْجَارُ فَلِدُنُوِّ دَارِهِ وَاتِّصَالِ مَزَارِهِ. قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَيْسَ حُسْنُ الْجُوَارِ كَفَّ الْأَذَى بَلْ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ أَجَارَ جَارَهُ أَعَانَهُ اللَّهُ وَأَجَارَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ أَحْسَنَ إلَى جَارِهِ فَقَدْ دَلَّ عَلَى حُسْنِ نِجَارِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَلِلْجَارِ حَقٌّ فَاحْتَرِزْ مِنْ إذَائِهِ ... وَمَا خَيْرُ جَارٍ لَا يَزَالُ مُؤَاذِيًا
فَيَجِبُ فِي حُقُوقِ الْمُرُوءَةِ وَشُرُوطِ الْكَرَمِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ تَحَمُّلُ أَثْقَالِهِمْ، وَإِسْعَافُهُمْ فِي نَوَائِبِهِمْ وَلَا فُسْحَةَ لِذِي مُرُوءَةٍ مَعَ ظُهُورِ الْمُكْنَةِ أَنْ يَكِلَهُمْ إلَى غَيْرِهِ، أَوْ يُلْجِئَهُمْ إلَى سُؤَالِهِ، وَلْيَكُنْ سَائِلَ كَرَمِ نَفْسِهِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِيَالُ كَرَمِهِ وَأَضْيَافُ مُرُوءَتِهِ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُلْجِئَ عِيَالَهُ وَأَضْيَافَهُ إلَى الطَّلَبِ وَالرَّغْبَةِ فَهَكَذَا مَنْ عَالَهُ كَرَمُهُ وَأَضَافَتْهُ مُرُوءَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
حَقٌّ عَلَى السَّيِّدِ الْمَرْجُوِّ نَائِلُهُ ... وَالْمُسْتَجَارِ بِهِ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ
أَنْ لَا يُنِيلَ الْأَقَاصِيَ صَوْبَ رَاحَتِهِ ... حَتَّى يَخُصَّ بِهِ الْأَدْنَى مِنْ الْخَدَمِ
إنَّ الْفُرَاتَ إذَا جَاشَتْ غَوَارِبُهُ ... رَوَّى السَّوَاحِلَ ثُمَّ امْتَدَّ فِي الْأُمَمِ
وَأَمَّا التَّبَرُّعُ فِيمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْبُعَدَاءِ الَّذِينَ لَا يُدْلُونَ بِنَسَبٍ، وَلَا يَتَعَلَّقُونَ بِسَبَبٍ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِفَضْلِ الْكَرَمِ وَفَائِضِ الْمُرُوءَةِ فَنَهَضَ فِي حَوَادِثِهِمْ، وَتَكَفَّلَ بِنَوَائِبِهِمْ، فَقَدْ زَادَ عَلَى شُرُوطِ الْمُرُوءَةِ وَتَجَاوَزَهَا إلَى شُرُوطِ الرِّئَاسَةِ. وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: أَيُّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْإِلَهِ؟ قَالَ: الْإِحْسَانُ إلَى النَّاسِ، وَإِنْ كَفَّ تَشَاغُلًا بِمَا لَزِمَ فَلَا لَوْمَ مَا لَمْ يَلْجَأْ إلَيْهِ مُضْطَرٌّ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ بِالْكُلِّ مُعْوِزٌ وَالتَّكَفُّلَ بِالْجَمِيعِ مُتَعَذِّرٌ. فَهَذَا حُكْمُ الْمُؤَازَرَةِ.

وَأَمَّا الْمُيَاسَرَةِ فَنَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: الْعَفْوُ عَنْ الْهَفَوَاتِ، وَالثَّانِي الْمُسَامَحَةُ فِي الْحُقُوقِ. فَأَمَّا الْعَفْوُ عَنْ الْهَفَوَاتِ: فَلِأَنَّهُ لَا مُبَرَّأَ مِنْ سَهْوٍ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست