responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 337
وَزَلَلٍ، وَلَا سَلِيمَ مِنْ نَقْصٍ أَوْ خَلَلٍ، وَمَنْ رَامَ سَلِيمًا مِنْ هَفْوَةٍ، وَالْتَمَسَ بَرِيئًا مِنْ نَبْوَةٍ، فَقَدْ تَعَدَّى عَلَى الدَّهْرِ بِشَطَطِهِ، وَخَادَعَ نَفْسَهُ بِغَلَطِهِ، وَكَانَ مِنْ وُجُودِ بُغْيَتِهِ بَعِيدًا وَصَارَ بِاقْتِرَاحِهِ فَرْدًا وَحِيدًا. وَقَدْ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: لَا صَدِيقَ لِمَنْ أَرَادَ صَدِيقًا لَا عَيْبَ فِيهِ. وَقِيلَ لِأَنُوشِرْوَانَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ لَا عَيْبَ فِيهِ؟ قَالَ: مَنْ لَا مَوْتَ لَهُ، وَإِذَا كَانَ الدَّهْرِ لَا يُوجِدُهُ مَا طَلَبَ، وَلَا يُنِيلُهُ مَا أَحَبَّ، وَكَانَ الْوَحِيدُ فِي النَّاسِ مَرْفُوضًا قَصِيًّا، وَالْمُنْقَطِعُ عَنْهُمْ وَحْشِيًّا، لَزِمَهُ مُسَاعِدَةُ زَمَانِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَمُيَاسَرَةُ إخْوَانِهِ فِي الصَّفْحِ وَالْإِغْضَاءِ.
رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أَمَرَنِي بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ» . وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا تَجْتَمِعُ إلَّا فِي كَرِيمٍ: حُسْنُ الْمَحْضَرِ وَاحْتِمَالُ الزَّلَّةِ وَقِلَّةُ الْمَلَالِ. وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:
فَعُذْرُك مَبْسُوطٌ لِذَنْبٍ مُقَدَّمٍ ... وَوُدُّك مَقْبُولٌ بِأَهْلٍ وَمَرْحَبِ
وَلَوْ بَلَّغَتْنِي عَنْكَ أُذْنِي أَقَمْتُهَا ... لَدَيَّ مَقَامَ الْكَاشِحِ الْمُتَكَذِّبِ
فَلَسْتُ بِتَقْلِيبِ اللِّسَانِ مُصَارِمًا ... خَلِيلًا إذَا مَا الْقَلْبُ لَمْ يَتَقَلَّبْ
وَإِذَا كَانَ الْإِغْضَاءُ حَتْمًا وَالصَّفْحُ كَرَمًا تَرَتَّبَ بِحَسَبِ الْهَفْوَةِ وَتَنَزَّلُ بِقَدْرِ الذَّنْبِ.
وَالْهَفَوَاتُ نَوْعَانِ: صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ. فَالصَّغَائِرُ مَغْفُورَةٌ، وَالنُّفُوسُ بِهَا مَعْذُورَةٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَعَ أَطْوَارِهِمْ الْمُخْتَلِفَةِ، وَأَخْلَاقِهِمْ الْمُتَفَاضِلَةِ، لَا يَسْلَمُونَ مِنْهَا. فَكَانَ الْوَجْدُ فِيهَا مُطَّرَحًا، وَالْعَتْبُ مُسْتَقْبَحًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ كَانَ كَمَنْ زَرَعَ زَرْعًا ثُمَّ حَصَدَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
وَشَرُّ الْأَخِلَّاءِ مَنْ لَمْ يَزَلْ ... يُعَاتِبُ طَوْرًا وَطَوْرًا يَذُمْ
يُرِيك النَّصِيحَةَ عِنْدَ اللِّقَاءِ ... وَيَبْرِيك فِي السِّرِّ بَرْيَ الْقَلَمْ
وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَنَوْعَانِ: أَنْ يَهْفُوَ بِهَا خَاطِئًا، وَيَزِلَّ بِهَا سَاهِيًا، فَالْحَرَجُ فِيهَا مَرْفُوعٌ، وَالْعَتْبُ عَنْهَا مَوْضُوعٌ؛ لِأَنَّ هَفْوَةَ الْخَاطِرِ هَدَرٌ وَلَوْمَهُ هَذْرٌ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا تَقْطَعْ أَخَاك إلَّا بَعْدَ عَجْزِ الْحِيلَةِ عَنْ اسْتِصْلَاحِهِ.

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست