responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 342
زَلَلٍ. فَإِنْ كَانَ لِمِلَلٍ فَمَوَدَّاتُ الْمَلُولِ ظِلُّ الْغَمَامِ وَحُلْمُ النِّيَامِ. وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: لَا تَأْمَنَنَّ لِمَلُولٍ، وَإِنْ تَحَلَّى بِالصِّلَةِ وَعِلَاجُهُ أَنْ يُتْرَكَ عَلَى مَلَلِهِ فَيَمَلَّ الْجَفَاءَ كَمَا مَلَّ الْإِخَاءَ. وَإِنْ كَانَ لِزَلَلٍ لُوحِظَتْ أَسْبَابُهُ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي التَّأْوِيلِ وَشُبْهَةٌ تَئُولُ إلَى جَمِيلٍ حَمَلَهُ عَلَى أَجْمَلِ تَأْوِيلِهِ وَصَرَفَهُ إلَى أَحْسَنِ جِهَةٍ، كَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ مَرَّ بِهِ صَدِيقَانِ لَهُ فَعَرَجَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَطَوَاهُ الْآخَرُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ عَرَجَ عَلَيْنَا هَذَا بِفَضْلِهِ، وَطَوَانَا ذَاكَ بِثِقَتِهِ بِنَا. وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِمُحَمَّدِ بْنِ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ:
وَتَزْعُمُ لِلْوَاشِينَ أَنِّي فَاسِدٌ ... عَلَيْكَ وَأَنِّي لَسْتُ فِيمَا عَهِدْتَنِي
وَمَا فَسَدَتْ لِي يَعْلَمُ اللَّهُ نِيَّةٌ ... عَلَيْكَ وَلَكِنْ خُنْتَنِي فَاتَّهَمْتَنِي
غَدَرْتَ بِعَهْدِي عَامِدًا وَأَخَفْتَنِي ... فَخِفْتُ وَلَوْ آمَنْتَنِي لَأَمِنْتَنِي
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِزَلَلِهِ فِي التَّأْوِيلِ مَدْخَلٌ نَظَرَ بَعْدَ زَلَلِهِ فَإِنْ ظَهَرَ نَدَمُهُ وَبَانَ خَجَلُهُ فَالنَّدَمُ تَوْبَةٌ وَالْخَجَلُ إنَابَةٌ، وَلَا ذَنْبَ لِتَائِبٍ وَلَا لَوْمَ عَلَى مُنِيبٍ، وَلَا يُكَلَّفُ عُذْرًا عَمَّا سَلَفَ، فَيُلْجَأَ إلَى ذُلِّ التَّحْرِيفِ، أَوْ خَجَلِ التَّعْنِيفِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالْمَعَاذِرَ فَإِنَّ أَكْثَرَهَا مَفَاجِرُ» . وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَفَى بِمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ تُهْمَةً. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ لِرَجُلٍ اعْتَذَرَ إلَيْهِ: لَا يَدْعُوَنَّكَ أَمْرٌ قَدْ تَخَلَّصْت مِنْهُ إلَى الدُّخُولِ فِي أَمْرٍ لَعَلَّك لَا تَخْلُصُ مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: شَفِيعُ الْمُذْنِبِ إقْرَارُهُ، وَتَوْبَتُهُ اعْتِذَارُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ لَمْ يَقْبَلْ التَّوْبَةَ عَظُمَتْ خَطِيئَتُهُ، وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ إلَى التَّائِبِ قَبُحَتْ إسَاءَتُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْكَرِيمُ مَنْ أَوْسَعَ الْمَغْفِرَةَ إذَا ضَاقَتْ بِالْمُذْنِبِ الْمَعْذِرَةُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
الْعُذْرُ يَلْحَقُهُ التَّحْرِيفُ وَالْكَذِبُ ... وَلَيْسَ فِي غَيْرِ مَا يُرْضِيك لِي أَرَبُ
وَقَدْ أَسَأْتُ فَبِالنُّعْمَى الَّتِي سَلَفَتْ ... إلَّا مَنَنْتَ بِعَفْوٍ مَا لَهُ سَبَبُ
وَإِنْ عَجَّلَ الْعُذْرَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ وَقَدَّمَ التَّنَصُّلَ قَبْلَ إنَابَتِهِ فَالْعُذْرُ تَوْبَةٌ وَالتَّنَصُّلُ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست