فقد أراك الدلالة على فعل الخير في صورة فعل الخير نفسه؛ إذ جعلها بوسيلة التشبيه بمنزلة واحدة، وذلك مما يقوي داعية الدلالة على الخير في نفسك.
وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه".
قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن الرجل والديه؟
قال: "يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه" [1].
فانظر كيف عد سب الرجل لأبي الرجل أو أمه في صورة سب الرجل لوالديه، وفي ذلك من تأكيد الزجر عن إطلاق اللسان بالسب ما لا تجده في النهي عن سب الناس بطريق غير هذا الطريق[2].
40ـ قرن القول ببعض الإشارات الحسية التي تناسب المعنى:
فهذا مما يزيد به المعنى جلاءا، ويأخذ في النفس صورة غير صورته المجردة عن الإشارة.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعين في تثبيت المعنى بالإشارة بيده إشارة مناسبة للمعنى، مما يجعل للموعظة أثرا بليغا في النفوس.
والأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما جاء في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وشبك بين أصابعه[3].
وفي صحيح البخاري عن سهل رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا" [4]. [1] أخرجه البخاري 5973، ومسلم90. [2] انظر: محمد رسول الله وخاتم النبيين، ص115. [3] البخاري 481 و2446 و6026، ومسلم 2585. [4] البخاري 5304 و6005.