responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 122
وَالْعُجْبِ: أَيْ لِأَنَّ الْقَانِطَ آيِسٌ مِنْ نَفْعِ الْأَعْمَالِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ تَرْكُهَا، وَالْمُعْجَبُ يَرَى أَنَّهُ سَعِدَ وَظَفِرَ بِمُرَادِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِعَمَلٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] وَمِنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ اعْتِقَادُ أَنَّهَا بَارَّةٌ وَهُوَ مَعْنَى الْعُجْبِ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَأَنْ أَبِيتَ نَائِمًا وَأُصْبِحَ نَادِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيتَ قَائِمًا وَأُصْبِحَ مُعْجَبًا.
وَلَقَدْ أَطَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الصَّلَاةَ فَقَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ لِمَنْ أَدْرَكَ أَنَّهُ فَطِنَ لَهُ: لَا يُعْجِبُك مَا رَأَيْتَ مِنِّي فَإِنَّ إبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ صَارَ إلَى مَا صَارَ إلَيْهِ.
وَمِنْهَا: لِلْعُجْبِ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا تَوَلُّدُ الْكِبْرِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ فَتَكُونُ آفَاتُ الْكِبْرِ آفَاتِ الْعُجْبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، هَذَا مَعَ الْعِبَادِ؛ وَأَمَّا مَعَ اللَّهِ فَهُوَ يُنْسِي الذُّنُوبَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا فَلَا يَتَدَارَكُ وَرَطَاتِهَا وَلَا يَتَنَصَّلُ مِنْ مَذَامِّهَا، وَيُورِثُ اسْتِعْظَامَ عِبَادَتِهِ، وَيَمْتَنُّ عَلَى اللَّهِ بِفِعْلِهَا فَيَعْمَى عَنْ تَفَقُّدِ آفَاتِهَا فَيَضِيعُ كُلُّ سَعْيِهِ أَوْ أَكْثَرُهُ، إذْ الْعَمَلُ مَا لَمْ يَتَنَقَّ مِنْ الشَّوَائِبِ لَا يَنْفَعُ وَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَلَى تَنْقِيَتِهِ مِنْهَا الْخَوْفُ، وَالْمُعْجَبُ غَرَّتْهُ نَفْسُهُ بِرَبِّهِ فَأَمِنَ مَكْرَهُ وَعِقَابَهُ وَعَدَّ أَنَّ لَهُ عَلَى اللَّهِ حَقًّا بِعَمَلِهِ فَزَكَّى نَفْسَهُ وَأُعْجِبَ بِرَأْيِهِ وَعَقْلِهِ وَعِلْمِهِ، حَتَّى اسْتَبَدَّ بِذَلِكَ وَلَمْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ أَنْ يَرْجِعَ لِغَيْرِهِ فِي عِلْمٍ وَلَا عَمَلٍ فَلَا يَسْمَعُ نُصْحًا وَلَا وَعْظًا لِنَظَرِهِ إلَى غَيْرِهِ بِعَيْنِ الِاحْتِقَارِ؛ فَعَلِمَ أَنَّ الْعُجْبَ إنَّمَا يَكُونُ بِوَصْفٍ هُوَ كَمَالٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ مَا دَامَ خَائِفًا مِنْ سَلْبِهِ مِنْ أَصْلِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْجَبٍ بِهِ وَكَذَا لَوْ فَرِحَ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا فَرِحَ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَمَالٌ مُتَّصِفٌ بِهِ مَعَ قَطْعِ نَظَرِهِ عَنْ نِسْبَتِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْعُجْبُ فَهُوَ اسْتِعْظَامُ النِّعْمَةِ وَالرُّكُونُ إلَيْهَا مَعَ نِسْيَانِ إضَافَتِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ ضَمَّ لِذَلِكَ تَوَقُّعَهُ جَزَاءً عَلَيْهَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَّهُ مِنْهُ بِمَكَانٍ سُمِّيَ مُدِلًّا، فَالْإِدْلَالُ أَخَصُّ مِنْ الْعُجْبِ.
وَمِنْهَا: قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ. وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْكِبْرَ إمَّا بَاطِنٌ وَهُوَ خُلُقٌ فِي النَّفْسِ وَاسْمُ الْكِبْرِ بِهَذَا أَحَقُّ، وَإِمَّا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَعْمَالٌ تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَهِيَ ثَمَرَاتُ ذَلِكَ الْخُلُقِ وَعِنْدَ ظُهُورِهَا يُقَالُ لَهُ تَكَبَّرَ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا يُقَالُ فِي نَفْسِهِ كِبْرٌ، فَالْأَصْلُ هُوَ خُلُقُ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِرْوَاحُ وَالرُّكُونُ إلَى رُؤْيَةِ النَّفْسِ فَوْقَ الْمُتَكَبَّرِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَسْتَدْعِي مُتَكَبَّرًا عَلَيْهِ وَمُتَكَبَّرًا بِهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْعُجْبَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي غَيْرَ الْمُعْجَبِ بِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ انْفِرَادُهُ دَائِمًا أَمْكَنَ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ الْعُجْبُ دُونَ الْكِبْرِ، وَمُجَرَّدُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست