responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 121
الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ إلَّا بِهِ - تَعَالَى -، بِخِلَافِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ الْفَرَحُ لَحْظَةً وَاحِدَةً، فَكَيْفَ الْبَطَرُ وَالْخُيَلَاءُ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مَبْدَأُ أَمْرِهِ وَوَسَطُهُ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ آخِرُهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ رُبَّمَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ بَهِيمَةً، وَلَوْ كَلْبًا سِيَّمَا إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَوْ رَأَى أَهْلُ الدُّنْيَا صُورَةً مِنْ صُوَرِ أَهْلِ النَّارِ لَصُعِقُوا مِنْ قُبْحِهَا وَمَاتُوا مِنْ نَتْنِهَا، فَمَنْ هَذَا عَاقِبَتُهُ - إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى شَكٍّ فِي الْعَفْوِ - كَيْفَ يَتَكَبَّرُ وَيَرَى نَفْسَهُ شَيْئًا، وَأَيُّ عَبْدٍ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْبًا يَسْتَحِقُّ بِهِ عُقُوبَةَ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ الْكَرِيمُ بِفَضْلِهِ.
وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْنَاهُ حَقِيقَةَ التَّأَمُّلِ زَالَ عَنْهُ النَّظَرُ إلَى عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ وَمَنْصِبِهِ وَجَاهِهِ وَمَالِهِ، وَفَرَّ إلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَوَاضَعَ لَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ أَحْقَرُ وَأَذَلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، كَيْفَ وَهُوَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ شَقِيًّا؟

وَمِمَّا يُظْهِرُ التَّكَبُّرَ الْكَامِلَ فِي النَّفْسِ وَيُعْلِمُ بِهِ مَنْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَنَّهَا مُتَنَزِّهَةٌ عَنْهُ أَنْ يُنَاظِرَ فِي مَسْأَلَةٍ مَعَ بَعْضِ أَقْرَانِهِ وَيَظْهَرَ الْحَقُّ عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اطْمَأَنَّ لِقَبُولِهِ وَأَعْلَنَ بِشُكْرِهِ وَفَضْلِهِ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ عَلَى يَدَيْهِ وَكَانَ كَذَلِكَ مَعَ كُلِّ مُنَاظِرٍ ظَهَرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ الْكِبْرِ، وَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَامِنٌ فِيهِ فَعَلَيْهِ عِلَاجُهُ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا مَرَّ وَنَحْوِهِ إلَى أَنْ تَنْقَطِعَ عُرُوقُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَبِأَنْ يُقَدِّمَ أَقْرَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُظَنُّ بِهِ فِيهِ أَنَّهُ أَظْهَرَ تَوَاضُعًا، كَأَنْ يَتْرُكَ صَفَّهُمْ وَيَجْلِسَ مُعَبِّسًا كَانَ ذَلِكَ عَيْنَ الْكِبْرِ، وَبِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ الْفَقِيرِ وَيُحَادِثَهُ وَيُجَالِسَهُ وَيَمُرَّ فِي الْأَسْوَاقِ لِحَاجَتِهِ وَحَاجَاتِ الْفُقَرَاءِ وَالْمُنْقَطِعِينَ، وَبِأَنْ يَحْمِلَ حَاجَتَهُ وَحَاجَةَ غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ مِنْ الْكِبْرِ كَمَا فِي حَدِيثٍ، وَيَسْتَوِي ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي الْخَلَاءِ وَبِحَضْرَةِ الْمَلَأِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَكَبِّرٌ أَوْ مُرَاءٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَعِلَلِهَا الْمُهْلِكَةِ لَهَا إنْ لَمْ يَتَدَارَكْ، وَقَدْ أَهْمَلَ النَّاسُ طِبَّهَا وَاشْتَغَلُوا بِطِبِّ الْأَجْسَادِ مَعَ أَنَّهُ لَا سَلَامَةَ فِي الْآخِرَةِ إلَّا بِسَلَامَتِهَا {إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89] أَيْ مِنْ الشِّرْكِ أَوْ مِمَّا سِوَى اللَّهِ.
وَمِنْهَا: مَرَّ فِي الْأَحَادِيثِ ذَمُّ الْعُجْبِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمُهْلِكَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25] .
وَبِقَوْلِهِ: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] فَقَدْ يُعْجَبُ الْإِنْسَانُ بِعَمَلِهِ وَهُوَ مُصِيبٌ فِيهِ أَوْ مُخْطِئٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْهَلَاكُ فِي اثْنَتَيْنِ، الْقُنُوطِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست