نام کتاب : تلبيس إبليس نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 156
فلما دنوت مِنْهُ ابتدأني قبل أن أسأله فَقَالَ وما سؤالك عما لا يعنيك فصبرت حتى تم لي ثلاث سنين فَقَالَ فِي الثالثة لا بد لك فقلت لَهُ إن رأيت فَقَالَ بينما أنا أصلي بالليل إذ لاح لي من المحراب نور فقلت أخسأ يا ملعون فَإِن ربي عز وجل غني عَنْ أن يبرز للخلق ثلاث مرات قَالَ ثم سمعت نداء من المحراب يا أبا شعيب فقلت لبيك فَقَالَ تحب أن أقبضك فِي وقتك أَوْ نجازيك عَلَى مَا مضى لك أَوْ نبتليك ببلاء نرفعك به فِي عليين فاخترت البلاء فسقطت عيناي ويداي ورجلاي قَالَ فمكثت أخدمه تمام اثنتي عشرة سنة فَقَالَ يوما من الأيام ادن مني فدنوت مِنْهُ فسمعت أعضاءه يخاطب بعضها بعضا أبرز حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه وَهُوَ يسبح ويقدس ثم مات.
قَالَ المصنف وهذه الحكاية توهم أن الرَّجُل رأى اللَّه عز وجل فلما أنكر عوقب وَقَدْ ذكرنا أن قوما يقولون أن اللَّه عز وجل يرى فِي الدنيا وَقَدْ حكى أَبُو القاسم عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ البلخي فِي كتاب المقالات قَالَ قد حكى قوم من المشبهة أنهم يجيزون رؤية اللَّه تعالى بالأبصار فِي الدنيا وأنهم لا ينكرون أن يكون بعض من تلقاهم فِي السكك وإن قوما يجيزون مَعَ ذلك مصافحته وملازمته وملامسته ويدعون أنهم يزورونه ويزورهم وهم يسمون بالعراق أصحاب الباطن وأصحاب الوساوس وأصحاب الخطرات قال المصنف وهذا فوق القبيح نعوذ بالله من الخذلان.
ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية فِي الطهارة
قال المصنف: قد ذكرنا تلبيسه عَلَى العباد فِي الطهارة إلا أنه قد زاد فِي حق الصوفية عَلَى الحد فقوي وساوسهم فِي استعمال الماء الكثير حتى بلغني أن ابْن عقيل دخل رباطا فتوضأ فضحكوا لقلة استعماله الماء وما علموا أن من أشبع الوضوء برطل من الماء كفاه وبلغنا عَنْ أبي حامد الشيرازي أنه قَالَ لفقير من أين تتوضأ فَقَالَ من النهر بي وسوسة فِي الطهارة قَالَ كان عهدي بالصوفية يسخرون من الشَّيْطَان والآن يسخر بهم الشَّيْطَان ومنهم من يمشي بالمداس عَلَى البواري وهذا لا بأس به إلا أنه ربما نظر المبتدىء إِلَى من يقتدي به فيظن ذلك شريعة وما كان خيار السلف عَلَى هَذَا والعجب ممن يبالغ فِي الاحتراز إِلَى هَذَا الحد متصفا بتنظيف ظاهره وباطنه محشو بالوسخ والكدر وَاللَّه الموفق.
نام کتاب : تلبيس إبليس نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 156