{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] اذهبوا فأنتم الطلقاء» .
عباد الله: هكذا كانت هجرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -، كانت لأجل نصرة دين الله وإعلاء كلمته، ليس القصد منها الرفاهية وراحة البدن والتنعم، وهكذا تكون هجرة المؤمنين إلى آخر الزمان فالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام باقية إلى أن تطلع الشمس من مغربها لمن لا يستطع إظهار دينه في بلد الكفر - وإظهار الدين معناه الجهر به والدعوة إليه وبيان بطلان ما عليه الكفار - وليس معنى إظهار الدين أن يترك الإنسان يصلى ويتعبد ويسكت عن الدعوة إلى الله وإنكار الشرك والكفر - لو كان الأمر كذلك لبقي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بمكة لأن المشركين لم يمنعوه من أن يصلي ويتعبد ولكنهم منعوه من الدعوة إلى الله وإبطال ما عليه الكفار والمشركون.
عباد الله: إن من الناس اليوم من لا يعرف عن هجرة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إلا أنها ذكرى تمر كل عام وتقام بمناسبتها احتفالات وخطب ومحاضرات لمدة أيام ثم تنتهي وتنسى إلى مرور تلك الأيام من السنة القابلة دون أن يكون لذلك أثر في سلوكهم وعملهم، ولذلك تجد بعضهم لا يهاجر من بلاد المشركين إلى بلاد الإسلام كما هاجر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -، بل على العكس فإن الكثير منهم ينتقل من بلاد الإسلام إلى بلاد المشركين لا لشيء إلا للترفه والعيش هناك بحرية بهيمية، إن ذكرى الهجرة يجب أن تكون على بال المسلم طول السنة لا في أيام مخصوصة فإن تحديد أيام مخصوصة للاحتفال بمناسبة الهجرة النبوية أو لتدارسها، إن هذا التخصيص بدعة «وكل بدعة ضلالة»