فلم يكن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ولا صحابته ولا القرون المفضلة من بعدهم يخصون هذه المناسبة باحتفال يتكرر كل عام وإنما كان السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان يدرسون سيرة نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - للاقتداء بها غير متقيدين بوقت معين، ثم إن الهجرة هجرتان الهجرة الأولى هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده لا شريك له، وإلى رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - باتباعه وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» ، وهذه الهجرة ملازمة للمسلم طوال حياته لا يتركها أبدًا، والهجرة الثانية هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية وهذه الهجرة هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام وهذه الهجرة تفعل عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر.
فاتقوا الله عباد الله وادرسوا سيرة نبيكم واستفيدوا من أحداثها العبرة والقدوة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم [1] . [1] انظر الخطب المنبرية لفضيلة الدكتور صالح الفوزان 1 / 268.