[النهي عن الابتداع في شهر رجب] النهي عن الابتداع في شهر رجب الحمد لله الذي أمر باتباع رسوله وسلوك سبيله، ونهانا عن الابتداع في دينه، فقال سبحانه وتعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ} [الأعراف: 3] وأشهد أن لا إله إلا الله، لا يقبل من الأعمال إلا ما شرعه، وكان خالصًا لوجهه - وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حذر من البدع فقال: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته ولم يحدث في الدين ما ليس منه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها المسلمون اتقوا الله تعالى، واعلموا أن البدع والمحدثات في الدين أصل كل بلاء وفتنة، وأن الشيطان يحرص كل الحرص على صد الناس عن الدين الصحيح، فإن رأى منهم عدم رغبة في الدين شجعهم على ذلك وزين لهم المعاصي والشهوات وفتح لهم أبواب الشبهات، وإن رأى منهم محبة للدين أدخل عليهم من البدع والزيادات ما يفسده عليهم فتنبهوا لذلك، واعلموا أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة والنقصان لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فلا مكان للبدعة في دين الله، قال الإمام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا. إن المبتدع معاند لله مشاق له لأن الله حدد الطرق الموصلة إلى الخير وحصرها. وهذا المبتدع يريد أن يزيد عليها أو ينقص منها فجعل نفسه شريكًا لله في تشريعه وكفى بذلك ضلالًا وإثمًا مبينًا، والله أمر باتباع ما شرعه، فأبى