هذا المبدأ الأساسي، ولذا نجتزئ بعضها، وهي التي تنص على هذه الحقيقة في ألفاظ تامة الوضوح، قوله تعالى في آيات: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت} [1], {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} [2], {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [3], {لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [4]، {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [5]، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [6]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [7].
وينتج من هذا كله، بوضوح، أن الثواب والعقاب لا يمكن أن يتأتى فيهما أي تحويل، أو امتداد، أو اشتراك، أو التباس، حتى بين الآباء والأبناء, وإذا كان آباؤنا وأجدادنا مسئولين مثلًا عن الأمثلة التي لقنوها لنا، والعادات التي أخذناها عنهم. وإذا كنا مسئولين عن الطريقة التي استعملنا بها هذه التركة، فلا يجب مطلقًا أن نتحمل معهم وزر ما عملوا: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [8].
وهكذا محيت بجرة قلم صعوبة الخطيئة الأصلية. فالقرآن لم يرفض فقط أن تنسحب خطيئة الإنسان الأول على كل الناس، ولكن هذه الخطيئة -في القرآن- لا ترتدي هذه الصفة الدنيوية، التي تخصها بها الديانة المسيحية. فإن آدم لم ينقد للخطيئة لخبث في طبيعته، أو سوء في إرادته وليس يكفي أيضًا أن يقال: إنه انقاد لإغراء قوي، بل يجب أن نضيف -تبعًا [1] البقرة: 286. [2] النساء: 111. [3] الإسراء: 15. [4] لقمان: 33. [5] غافر: 17. [6] الأحقاف: 19. [7] النجم: 39. [8] البقرة: 134 و141.