responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 185
وأخيرًا، وفي نطاق الفرض القائل بأن جزءًا من طبيعتنا يظل -مطلقًا- عصيًّا على كل تعديل -يجب أن نفرق بين المطالب التي توحي بها ميولنا الفطرية، والتي لا نملك شيئًا لمقاومتها، وبين علاقات هذه المطالب بإرادتنا.
ولسنا هنا نزعم أن الإرادة نظام منعزل، يعمل مستقلًّا عن بقية كياننا، فمع أنها تجد في ذاتها القوة الكافية، أو كما يقال في الفلسفة المدرسية "العلة الفاعلة" لأفعالها, فإنها بحاجة إلى أن تبحث خارجها عن دوافعها، وعلتها الغائية، التي لن تجد منبعها إلا في الجانب الأدنى، أو في الجانب الأعلى: الغريزة، أو العقل. ولكل عمل شعوري وإرادي دائمًا علة، وتتحدد ماهية هذه العلة تبعًا لما إذا كان الإنسان يسعى إلى الخير الحقيقي، أو المنفعة، أو المتعة، فيقول: لأن ذلك أفضل، أو أنفع، أو لأنه يمتعني أكثر. فالمستبد الذي يتخذ على وجه التعسف قراراته، دون أن يتردد أو يستشير، ثم يقول: "أريد لأني أريد" -هذا المستبد يخضع في الواقع لنوع من السبب الخفي، لا يعدو أن يكون الحاجة إلى أن يظهر استقلاله. وعندما يتردد المرء في لحظة معينة بين أمرين يريد أن يعزم على أحدهما، دون أن يجد مطلقًا أدنى سبب يفرضه، بل ولا أقل سمة من سمات التفضيل، ثم هو يعزم أخيرًا على أحدهما، لمجرد إلحاح ضرورة حسم الموقف، ولأنه كان لابد أن ينتهي منه -فذلك لأنه افترض فيما وقع عليه اختياره أسبابًا تتساوى على الأقل مع أسباب ما عدل عنه.
إن مشكلة تحديد الإرادة بوساطة دوافع أو علل أية كانت -قد أثارت في الفلسفة الإسلامية ثلاث تيارات مختلفة، هي التي نجدها لدى الأخلاقيين الأوربيين، وهي التي تستنفد كل الحلول الممكنة.
ففي المقام الأول توجد نظرية جمهور أهل السنة، ومعهم قليل من المعتزلة، ويرى هؤلاء المفكرون أنه لكي يمكن اختيار أحد النقيضين اختيارًا نهائيًّا،

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست