responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 192
تدعم مسئوليتنا الأخلاقية، لا تفعل -على العكس- سوى أن تقوضها فإذا كانت إرادتنا تنبثق من طبعنا، وكان طبعنا مفروضًا علينا قدرًا مقدورًا، فإننا نظل في حلقة مقفلة: لا أحد يقدر أن يكون سوى ذاته.
إن الحرية التي تقوم كشرط لمسئوليتنا يجب أن نبحث عنها في مجال آخر غير الطبيعة الواقعية أو المحتملة "الكائنة"، أو التي في طريقها إلى التكوين. يجب أن تكون هذه الحرية ذات طابع يسيطر على الطبيعة ولا يخضع لسيطرتها، أو تكون -كما قال سبينوزا "طبيعة فاعلة" لا "طبيعة منفعلة"[1].
والواقع أننا عندما نجيب بالإيجاب على هذا السؤال: "هل ما نزال "أحرارًا" في قراراتنا، مع وجود أمزجتنا، وعاداتنا، وأفكارنا، وعواطفنا الراهنة؟ " -فإننا نعلن بذلك أننا شيء مختلف، أكثر من مجموع هذه المعطيات، وأننا ما زلنا نملك فوق كل هذه الأنشطة الخاصة نشاطًا آخر أسمى، هو نشاط ذات محسوسة وكلية، قادرة على أن تنظم نفسها بألف طريقة مختلفة. ونزيد الأمر تأكيدًا فنقول: إن إعلان هذا النشاط ليس مع ذلك إدعاء لقدرة خيالية ووهمية، وليس الأمر مطلقًا أمر نقض كامل لعالم جواني، ثم إعادة صنعه على حالة أخرى لم يكن عليها. وليس الأمر بالنسبة إلينا أن لدينا قدرة مطلقة على اختلاس عنصر، أو مجموعة عناصر من كياننا، أو منع حركتها، أو عزل إرادتنا عن هذا المجموع، لكي نمارسها في فراغ، بلا دافع، وبلا غاية. وليس المراد هو مواجهة الطبيعة، من حيث ما فيها من عنصر جوهري، وحتمي، بل مواجهتها من حيث ما فيها من عنصر مرن قابل للتشكيل.
ومما نعترف بضرورته إطلاقًا أن كل نشاط إرادي يفترض وجود دافع

[1] تعبيره بالفرنسية هو: une nature naturante, et non pas une nature nature.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست