responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 193
يحركه، وأن كل حركة تستهدف غاية تبلغها. بيد أن هذا الدافع، وهذه الغاية ليسا وحيدين في الطبيعة، ولا سيما عند اتخاذ قرار فيه قدر من التدبر وإعمال العقل.
إن ضلال الحتمية "ميكانيكية وديناميكية" لا يكمن في أنها تستدعي صورة توازن في الدوافع، أو صورة دفعة من المزاج، فأي إنسان يرقب أحواله بانتباه يفطن إلى هذا التناوب في الأهداف التي تتبدى له مع الأسباب التي تؤيدها، بصورة تتفاوت في درجة اختلاطها كما يحس في نفسه نوعًا من التردد الذي لا يتوقف إلا بعد اتخاذ القرار. ولكن خطأ كل نظرية طبيعية يكمن في أنها تغفل "حدثًا وسيطًا" يعتبر هو اللحظة الحاسمة في تخلق القرار"، وذلك حين تصور لنا الإرادة على أنها نتيجة مباشرة لهذه الحالات الخاصة، أو على أنها ازدهار تلقائي لجذورها العميقة. فالمرء لا يحمل على اتخاذ القرار بنفس الطريقة التي تجعله يرفع يده "ليهرش" في المكان الذي يحتاج فيه إلى "الهرش"، حتى لو كان نائمًا.
إن الإرادة ليست نتيجة مباشرة لتكون الأفكار إلا في حالة وحيدة، هي على وجه التحديد حين لا توجد "مسئولية" ولا "حرية"، وتلك هي حالة الاضطراب العقلي، التي ما تكاد تظهر فيها فكرة وحيدة، تسبق غيرها، حتى تقتحم الطريق على الملكات الأخرى، وهو ما يكفي لتحريك نشاطها الضروري لتحقيق هذه الفكرة، بطريقة الفعل المنعكس، دون أن تترك لها وقتًا تكبح فيه جماحها.
أما في الحالات العادية السوية التي تزعم النظريات الحتمية أنها تقوم عليها -فإن هناك دائمًا مسافة بين فعل الطبيعة، ورد فعلنا الإرادي عليه، وتبدو هذه الفترة ضرورية -أولًا- لأن الموجود ليس فكرة وحيدة، بل فكرتان متضادتان، تعرضان لاختيارنا، وتطلبان حقهما في أن تتحولا إلى واقع.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست