responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 194
ولقد يحدث تارة أن تكون الأهمية التي نعلقها على عرضهما متساوية تقريبًا بما أننا نجد بعد التدقيق أن النقص في جانب تعوضه الزيادة في الجانب الآخر، وهكذا يتضح توازنهما على مسرح الضمير، وغالبًا ما تتجدد عودتنا إلى نفس نقطة التفكير ومعاودة النفس. وعلى هذا النحو نظل مترددين للحظة في اختيارنا بين مشروع جميل جدًّا، قليل التكاليف، ولكنه هش، ومشروع آخر أقل جمالًا، وفادح التكاليف، ولكنه متين. وهذا الموقف المتحير القلق يصيبنا، عندما يطلب منا أن نختار بين عمل أكثر فائدة ولياقة، وآخر أكثر فضلًا، وأعظم ثوابًا.
ولقد يحدث تارة أخرى أن يبدو أحد الحلين في صورة أفضل، وأعظم تقبلًا بالنسبة لما ألفنا من عادات، واستعدادات، ويبدو الحل الآخر مردودًا بنفس الوسائل، ولكنه ليس بأقل منه في نظر العقل، وهو بذلك يعتبر عائقًا بالنسبة إلى الأول، يحول بينه وبين أن يتحول تلقائيًّا إلى حيز الفعل.
بيد أن المسافة التي تفصل حدث الإرادة عن أحداث الضمير الأخرى، تتميز باختلاف طبيعتها بخاصة، فبين هذه الأحداث وحدث الإرادة تنافر أساسي، وانقطاع للاستمرار، فالمرء لا ينتقل من هذه الحالات إلى هذا الفعل، على سواء. فمن فكرة معينة تولد طبيعيًّا نتيجة، ومن اتجاه رغبة، ومن عاطفة حالة للنفس مناسبة، ومن خليط هذه كلها، أو من اندماجها يولد حدث مركب، ليس هو الإرادة بعد، وإن أقرب الحالات إلى الإرادة هي الرغبة، ولكن، "من الرغبة إلى الإرادة توجد كل المسافة التي تفصل الدعوة عن الاستجابة".
إن الإرادة ليس معناها أن نصوغ "طلبًا" بل أن نصدر "مرسومًا"، إنها لا تعني أن نمد يد سائل، بل هي التقدم بخطوة فاتح، والإرادة ليست "امتدادًا" لسلسلة في سلسلة معطاة، بل هي "بدء" سلسلة أخرى ينبغي

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست