responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 195
أن تعطى. والواقع أن للسببية الإنسانية طابعها الخاص الذي لا يئول إلى غيره. فقبل أن ترتضي الإرادة دافعًا معينًا أو حافزًا، تخلع عليهما أولًا نوعًا من التلوين، وتحولهما إلى صيغة عقلية، حين تلصق عليهما هذا العنوان: "إني أعتنق هذا المبدأ كقاعدة سلوك".
وحاشانا أن نقلل من أهمية نوازعنا العميقة، وعواطفنا القوية، وأفكارنا الواضحة -في صوغ أحكامنا، فذهننا يقترح علينا حلًا معينًا، وإحساسنا يستحثنا إلى آخر. وربما كان يكمن في الغضون الخفية لضميرنا سبب يوجهنا إلى حل ثالث. ولكن هذه القوى مجتمعة، بما فيها آخرها، وأكثرها مباشرة، لا تستطيع أن تفسر وحدها عمل الإرادة الحاسم، فهي سببه الكامن, ولكنها ليست السبب الكامل, ويتمثل عملها في كونها نوعًا من الدفع والتحريض، أكثر من كونها نوعًا من التسبيب. ولا ريب أنها ببراهينها المقنعة، أو نداءاتها العاطفية، تتوق إلى أن تنتزع منّا قرارًا، ولكنها لا تبلغ أن تكر هنا من أجل الحصول عليه، فكأن دورها مقتصر بطبعه على إعداد السجل، والدفاع عن القضية.
وقد يبلغ وزن تأثيرها علينا بهذه الوسيلة أن تميل بنا إلى هذا الحل أو ذاك، ولكن المنحنى الذي ترسمه لنا بهذا التأثير لا يكون حلقة محكمة، وعلينا نحن، إما أن نقوم هذا المنحنى، أو نستمر في حركته التي بدأت كيما ننهيه, "أو بالأحرى نتقدمه لنقابله في منتصف الطريق".
وعلى ذلك، فبهذه العوامل وحدها يبقى عمل الإرادة، وكذلك موضوعها في عالم الممكن، فمن أجل أن نحقق وجود ممكن واحد، من بين ممكنات كثيرة يلزم "عامل جديد"، ضغطة إبهام تفتح له الطريق إلى عالم الواقع.
هذا العامل الجديد هو تدخل "ذاتنا الكلية" بنشاطها "التركيبي"، لتحسم المناقشة، وتصدر حكمها النهائي، الذي لا قيمة لسواه، وفي ثناياه كل

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست