responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 201
الأولية، ونوازع التسلط، وتهديدات الظروف الخطرة، راضية أن تصحي بأغلى ما تملك، وليس يصدق هذا بالنسبة إلى الشهداء فحسب، وهم الذين يضحون مختارين بحياتهم من أجل مثلهم الأعلى، ولكنه يصدق أيضًا على أكثر الجنود تواضعًا، وهم الذين يرسلون إلى الحرب، فيخوضونها دون أن يعرفوا لماذا؟ بل لمجرد أن يطيعوا رؤساءهم.
وربما تقول لي: إنني أبذل كل ما في وسعي ولا أصل. وليس هذا صحيحًا بإطلاق، فإذا كان قلبك، تلك الطبيعة الصغيرة -لا يقدر على شيء يقاوم به الزحف الكاسح للطبيعة الكبيرة، وإذا كان لا بد لجاذبية بعض الشر، وكراهية بعض الخير، أن تحدث أثرها على هذا الجزء المنفعل من كونك، فلم لا ترثي لهذه الحال؟ ولماذا لا تحتقر هذه الطبيعة في ذاتك، بناء على نصيحة العقل؟ ولماذ تضرب عن هذا كله، وتضع نفسك من هذا الجزء بمثابة القاضي الأعلى، والحكم الأخير؟ ولماذا لا تكتفي بتقبل هذا الوضع، والاغتباط به، فإذا بك تصدر أوامرك إلى قواك التنفيذية لكي تجعل نفسها في خدمته؟
في هذا الوضع بالتحديد تكمن اللاأخلاقية، وفي محاولة التغلب عليه تبدأ المسئولية. وليست هذه المحاولة كامنة في مادية الحدث، ولا يرجع إخفاقها إلى عجز حساسيتك، ولكن حسم الموقف يكمن في الزيادة التي تضيفها إليه، في آخر تلوين تطبعه به، وفي خاتم سلطتك الذي تضعه عليه.
ومرة أخرى، إذا كان الشر ينزع حقًّا إلى أن يحدث لا محالة، على الرغم منك، فلماذا إذن تستقبله، وتسارع إليه؟ ابق إذن على الأقل في مكانك، ودع الطبيعة تعمل، ولن تفعل الطبيعة شيئًا بدونك، اللهم إلا إذا صار العمل اندفاعيًّا، أعني لا إراديًّا، ولا تبعة فيه ولا مسئولية.
وهكذا تتحدد المسئولية الأخلاقية، تلك التي رأى دعاة الحتمية أنها

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست