responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 204
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌْ} [1].
والحق أن هذا الترفق لا يبلغ حد العفو عن القتل، والسرقة، وهتك العرض بالإكراه الخارجي، فهذه جرائم لا تقبل العفو، حتى لو ارتكبت تحت التهديد بموت مرتكبها. وليس لأحد حق في أن يستبيح حياة بريء لينقذ حياته، وأن يسرق أمواله، أو ينتهك حرمته، حتى لو اشترى امتناعه بدفع حياته.
ولكن إذا كان من المقنع أن يجب الإكراه الفواحش، كالزنا والكفر، فإن أمامنا مجالًا لنتساءل: لماذا هذا التغيير المفاجئ في الموقف، الذي يسلم للإكراه المادي أو العضوي بما رفض التسليم به للطبيعة النفسانية؟
علام إذن يعتمد هذا؟ وهل نحن أكثر سيطرة على حالات أنفسنا من سيطرتنا على قوانا المادية؟ أم ليس العكس أكثر احتمالًا؟ ألا يتطلب تقويم الطبع، والسيطرة على الهوى جهدًا لدى الغالبية من الناس أكبر مما يتطلب تحمل الجوع والألم؟ هذا فرض أول ينبغي استبعاده.
وكذلك فإن أحدًا لا يستطيع مطلقًا أن يفسر عدم المسئولية عن هذه الأعمال بسبب طبيعتها اللاإرادية، التي تجعلنا نفترض فيها إكراهًا مطلقًا، يضع الفاعل في حالة استحالة مادية لا تمكنه من أن يختار اتجاهًا آخر غير الذي يحمل عليه، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان للرحمة التي تتحدث عنها النصوص معنى: فلا يغفر لأحد عمل لم يرتكبه هو، وإنما ارتكبه رجل آخر، مستخدمًا جسم الأول على أنه آلة، والحقيقة أن الأمر على عكس ذلك تمامًا: فإذا لم يكن الفعل قد حدث بموافقة الفاعل ولا لمجرد المتعة في مخالفة القاعدة، فإنه بالرغم من ذلك فعل إرادي ومقصود.

[1] النور: 33.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست