responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 205
والعقبة التي نصادفها، هيهات أن تخمد انتباهنا الأخلاقي، بل هي توقظ تفكيرنا، وتنشط إداركنا، وكل ما في الأمر أنها حين ترينا النتائج الشاقة التي تنتظرنا على طريق الواجب تحيد بنا لنتحاشى الخطر.
وإنا لنعتقد أننا نلمس هنا التفسير الحقيقي.
فإن التفرقة بين مقاومة الأهواء وبين المنع الناشئ عن التهديد بالإكراه لا تستند فقط إلى أن الصعوبات هنا صعوبات ملموسة واضحة، أي: إن حدوثها وتضييقها لا يحتويان أدنى وهم، ولا يفترضان وجود أدنى مشاركة من جانبنا، كما هي أكثر الحالات وقوعًا في الأعذار الخلقية؛ ولكن هذه التفرقة تقوم بخاصة على أساس أن العاطفة والعادة تشدان إليهما الإرادة بكل بساطة دون مناقشة، أو تعليل، وإذا حدث تعليل فإنها لا تذكر سوى بواعث الاهتمام، والقيم الشخصية، وهي لا تذكر مطلقًا أسبابًا يعرفها القانون، على حين أن المرء أمام التهديد يتوقف، ويتردد، ويتأمل، من أجل الكشف عن حل. وعندما يخضع نهائيًّا، فهو لا يفعل ذلك إلا لأسباب أخلاقية أيضًا. أليس السبب في ذلك -حقيقة- هو أن حياتنا هي التي تواجه الخطر، مباشرًا أو غير مباشر؟ ومن ثم كان حفظ الحياة مطلبًا لغرائزنا، وأمرًا من أوامر الشرع الأخلاقي في آن. وإذن، فإن الذي يخل بواجب، خضوعًا لضرورة حيوية -يؤدي واجبًا آخر يصل في أهميته إلى أنه شرط لجميع الواجبات.
على أننا لا نخفي الطابع المبسط لتفسيرنا:
أولًا؛ لأن المقاصة لا تفهم إلا بين واجبات ذوات قيم متساوية، ومع أن الحياة هي الشرط في جميع الواجبات، فإنها لا تحتل القمة، بل هناك ما هو أعلى أو أدنى منها، وإذا كانت بلا أدنى جدال، أثمن من طعام محرم، فهل يمكن أن تكون كذلك إذا ما قورنت بصدق الإيمان، والإخلاص للعقيدة؟

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست