responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 206
إن بذل الرخيص من أجل الغالي واجب، ومن ثم فهو موضع للتقدير، ولكن فعل العكس مناقضة أخلاقية، وهو إذن مسئولية عن فعل الشر بشكل ما. ولفظة "عدم المسئولية" في كلتا الحالتين ليست هي الكلمة المناسبة.
ومن ناحية أخرى: إن الإنسان الذي يتقهقر أمام الخطر ليس متأكدًا دائمًا أن الإقدام قد يكلفه حياته، فقد يكون مبالغًا في توهم الخطر الذي يتعرض له، أو يكون قد أخطأ في تصور الباعث الحقيقي لعمله، وحتى لو افترضنا أن أصل قراره هو خطر محقق، فلعله بمجرد أن شرع في العمل ألفى نفسه فيه، واستمتع به في لذة لم يكن يدركها من قبل. فالواقع إذن أشد تعقيدًا من أن يطبق عليه إبراء خالص وبسيط, والحكم بعدم المسئولية لا ينبغي إذن أن يعني هنا البراءة، ولكنه رخصة. وبذلك ندرك عمق تعبير القرآن، عندما يتحدث في موضوع العفو والرحمة، ولكي يؤكد المفسرون هذا المعنى ذكروا أن التحمل والتضحية أجمل وأكرم، فقالوا: "والصبر أجمل"، كما يقول لنا القرآن الكريم: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل} [1].
وكذلك يجب أن نستثني حالات لا تتسع سلطة الواجب فيها لأي عفو، وحيث ينبغي أن تتصدى حرية الإرادة لأي إكراه حتى لو كان تهديدًا بالموت، ومن ذلك حالة الإنسان الذي يجبر على أن يقتل، أو يقتل، أو حالة ذلك الذي أشرف على الهلاك من مخمصة، فلم يجد وسيلة، للحياة، غير أن يقتل شخصًا آخر ليقتات بلحمه، "وقد اعتمدت المالكية في قتل المكره على القتل بالقتل، بإجماعهم على أنه لو أشرف على الهلاك لم يكن له أن يقتل إنسانًا فيأكله"[2]. ذلك أن إنهاء حياة بريء أمر مقيت، لا يصلح التعلل بالمحافظة على حياتنا لإباحته؛ فلأن نموت خير من أن نقتل.

[1] البقرة: 217.
[2] ابن رشد, البداية 2/ 431.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست