responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 207
وهكذا تبدو لنا الإرادة الإنسانية في علاقتها بأحداث الفطرة الداخلية، أو الطبيعة الخارجية -من خلال القرآن، حرة مستقلة. فهل يترتب على ذلك استقلالها المطلب ضرورة؟ وهل إذا جاز لنا أن نقول: إن أي مخلوق ليست لديه قدرة تكرهه، هو نفسه -أيجب أن نستنتج من هذا أن خالق الطبيعة ذاته لا وجود له في نشاطنا؟ إن هذا السؤال يعني أن المشكلة الميتافيزيقية أو بالأحرى: الإلهية، للقضاء الأزلي، تطرح أمامنا كاملة.
لقد قدمنا في مؤلف نشر من قبل بالعربية[1]، لمحة تاريخية عن هذا الموضوع، وحاولنا أن نعطي تمحيصًا نقديًّا لمختلف الأفكار التي اصطرعت في الفكر الإسلامي، وحسبنا أن نعيد هنا الخطوط البارزة لما عرض آنذاك.
ونشير أولًا إلى غموض مصطلح "القدرية predestinationisme" الذي قد يقصد به معنيان مختلفان، فهو بالمعنى المحدد الدقيق -النظرية التي تلغي إلغاء تامًّا كل نشاط إرادي فعلًا، يقوم به الإنسان. ولكن القدرية، بمعنى أوسع، تعني سبق العلم الإلهي فحسب. فإن الله قد خلق كل طاقات الكون وقواه، طبقًا لتدبير سابق، بما في ذلك ملكة إرادتنا, وهو يعلم مسبقًا كيف ستعمل كل من هذه القوى, وما الأحداث التي ستنتج عن نوع عملها، ولكن لم يقل لنا -إيجابًا أو سلبًا- إذا كان الله سبحانه يتدخل في تسيير هذه القوى كلها بمجرد أن توضع في إطار الحركة، وبهذا المعنى الثاني فقط يمكننا القول بأن الفكر العربي كله فكر قدري، ما خلا بعض الاستثناءات.
والواقع أننا لا نرى أثرًا للفكرة العكسية "التي تجرد أعمالنا من العلم الإلهي المسبق" في المرحلة السابقة على الإسلام، ولا بعد ظهور الإسلام؛ حتى

[1] المختار, نشر بالقاهرة عام 1932.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست