responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 213
بها من علم الله، وقدرته العلوية، لأصبح في ملك الله ممالك بقدر ما يوجد في العالم من كائنات عاقلة.
إن وحدة الكون تتطلب وحدة التدبير، وتبرهن عليها، ولن يأذن الله لمخلوقه أن ينقلب ضده، فكل ما يجري على عينه خاضع لرقابته. ولئن كان الشر الأخلاقي لا يتفق مع إرادته التشريعية، فما كان له أن يقف في وجه إرادته الخالقة، فيجب إذن على الأقل، ألا يصادف عمل إرادتنا عائقًا فوق الطبيعة؛ أي: إنه يجب أن يحصل من السماء على نوع من الإجازة والرضا، وذلك هو ما تفيده الآية الكريمة: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [1]، والآية: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [2]. وهذا الكلام لا ينازع فيه أي إنسان يؤمن بوجود عناية إلهية. فلنتجاوز هذا الحد.
إن الله تعالى سبحانه -فضلًا عن هذه المساعدة السلبية بعدم الاعتراض- قد حاط "قدرتنا على الاختيار" بجهاز قوي ومعقد، تتفرع عنه كل قراراتنا،؛ وهذا الجهاز يتألف من العقل، والحواس، والنزعات، والجاذبية الحسية، والقيم الروحية، كما تتضمن تلك الرؤية الجوانية التي هي الضمير، وذلك النور البراني الذي هو التعليم الموحى أو غير الموحى. فكل قرار، حسنًا كان أو قبيحًا، أو أشبه بعملية إنفاق من ذلكم الكنز العظيم الذي أودعه الخالق رهن تصرفنا في الفطرة، جوانية وبرانية، والاتفاق على هذا الكلام أيضًا إجماعي.
ولكن ألا توجد، فضلًا عن هذا الجهاز العام الذي جعله الخالق في متناول كل إنسان -مساعدة خاصة يمنحها الله لبعض العباد، ويحرم منها الآخرين؟ وهل يتمتع الطيبون، والصالحون، والمصطفون من بين الناس بامتياز، أو

[1] الأنعام: 112.
[2] الدهر: 30.
3 والتكوير: 29.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست