3- الجانب الاجتماعي للمسئولية:
وإذن، فالشروط الضرورية، والكافية لمسئوليتنا أمام الله، وأمام أنفسنا هي: أن يكون العمل شخصيًّا، إراديًّا، تم أداؤه بحرية "أقصد دون إكراه"، وأن نكون على وعي كامل، وعلى معرفة بالشرع، أو القانون، فهل تظل هذه الشروط صادقة مقبولة بالنسبة إلى مسئوليتنا أمام المجتمع الإسلامي، الذي نظمه القرآن؟
لسوف نرى كيف يتجه الموقف القرآني إلى أن يتغير تغيرًا محسوسًا متى كان موضوعه المسئولية نحو الناس، وليس معنى هذا أن أي إنسان يستطيع أن يكون مسئولًا عن أي شيء، ولكن العلاقة بين الواقع الخاضع للحكم، والفرد المسئول تفقد هذه الدقة في التحديد على الفور، فلا تعود تقتضي هذه المجموعة من الشروط.
ومع ذلك، فإن علينا أن نفرق في المجال القانوني بين المسئولية الإصلاحية "المعروفة بالمدنية"، والمسئولية الجزائية "أو العقابية" فهذه الأخيرة تظل وثيقة الصلة بالمسئولية الأخلاقية بتحديدها وقصرها على الإنسان البالغ السوي، عندما يعمل عن قصد ونية.
لقد حاول بول فوكونيه paul fauconnet في دراسته الاجتماعية عن المسئولية, أن يبين أن هذا التحديد الدقيق الذي نجده في المجتمعات الأوروبية المعاصرة -هو من الناحية التاريخية ذو أصل قريب.
وقد بحث المؤلف أولًا الظروف التي يمكن لفرد أن يعد فيها مسئولًا على سبيل الافتراض، فأثبت بالوقائع "المأخوذة لا عن الشعوب البدائية فحسب، بل عن مجتمعات أكثر ارتقاء في التنظيم، وحتى وقت قريب من عصرنا" -