ضربت مجتمعات إسلامية كثيرة -صفحًا عن تطبيق هذه الأشكال من العقوبات، منذ زمن طويل، بفعل صلاتها بالعالم الأوروبي.
لكنها مسألة أن نعرف، ما إذا كان لهذه الانفعالات السريعة أسس متينة في العقل، أو في المصلحة الواقعية للأفراد، أو الجماعة؟
ومع ذلك ماذا يعني تحرجنا أمام عقوبة؟ ألا يعني هذا -في حالة النزاع بين الشرع المنتهك، وحق الفرد الذي خالفه- أننا نخص حق هذا الفرد بأهمية كبرى، وفي الوقت نفسه نعطي للشرع قيمة أقل من قيمة الفرد؟ ولماذا لا نتحرج، حين نكون محتلين بعدو، خارجي أو داخلي، من أن نوجه إليه أقسى الضربات، وأن نعد له ردعًا رهيبًا، بما في ذلك حرمانه من الحياة؟
ذلك لأن غريزة المحافظة على النفس، التي تحتل من أنفسنا مكانة متميزة -تكبت حينئذ مشاعرنا العادية، المنطوية على المودة، والأخوة الإنسانية، تكبتها وتدفعها إلى وراء. ثم إن رد فعلنا تجاه جزاء معين يقيس -بالضبط- الفعل الذي تمارسه علينا فكرة الواجب ذي الجزاء، وهكذا فإن الضمير العام الذي لا يتحرج قط من أن يضرب انحراف أعضائه بقسوة، لا يدل من ذلك الجانب على عدم إحساس بالألم الإنساني، بقدر ما يدل على إجلال عميق، واحترام ديني "بحرفية هذه الكلمة" للقانون المنهار. ذلك هو المقياس الذي يجب أن نقيس به المسافة التي تفصل المفهوم الأخلاقي المعاصر، عن مفهوم المجتمع الإسلامي الأول.
فإلى أي مدى كان هذا المجتمع يشعر بعمق صفة القداسة في الإخلاص الزوجي!! وبأي استهجان كان يقوم في وجه خيانة الزوجين، أحدهما بالنسبة للآخر؟! وبأي احتقار كان ينظر إلى مهانة اللص، وخبال المخمور، ودناءة النمام؟ َ!