responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 269
الناس يكونون معصومين. ولربما قيل: إنه فرق في الطبيعة، ولقد زرت بنفسي الحجاز؛ في أوائل عام 1936م فأذهلني أني حيثما وجهت وجدت تباينًا كاملًا بين بلادنا وهذا البلد، فإن السرقة لم تختفي من المدن فحسب، بل إنها لم تلحظ حتى في الجبل، والصحراء، بل لم يشك في حدوثها، أو يظن. حتى إن حقيبة ضائعة ملقاة على الطريق غير المأهولة، والتي لا يمكن أن تصبح مأهولة، يحتمل أن تبقى في مكانها إلى ما لا نهاية، دون أن يجرؤ امرؤ على لمسها، ولو بدافع الفضول. ومع ذلك فكل شيء هنالك كان يغري بها: الفقر المدقع بين سكان الجبال، وثراء السياح والحجاج، وندرة وسائل المواصلات، وعدم وجود الشرطة، تقريبًا، على مسافة بعيدة. ولكن كان حسب ابن سعود، في مستهل ارتقائه السلطة، بضعة أمثلة واعظة، وإن كانت عنيفة، حتى يقضي مرة واحدة، وفي كل مكان على كل محاولة للسرقة، والاختلاس في مملكته الواسعة، وكأنما كانت معجزة.
ويبقى بعد ذلك أنه على الرغم من فداحة الجرم الذي اقترفه الزاني، فإن الطريقة التي قصدت السُّنة أن تعاقبه بها لا تفتأ تروعنا، وهي رجم كائن إنساني وكأنه كلب مسعور!!
ومع ذلك، إن بضع ملاحظات هنا من شأنها أن تخفف هذه الصفة التي تصدمنا. ذلك أن القرآن من أول وهلة قد أحاط تشريع هتك العرض بعامة بعدة احتياطات تجعل إثبات الجريمة أمرًا في غاية العسر، إن لم يكن مستحيلًا من الناحية العملية، فالمبلغ الذي لا يعتمد في تبليغه على شهادة أربعة رجال عدول صادقين، يشهدون، لا على معاشرة امرأة لرجل أجنبي في حجرة واحدة فحسب، بل على وصف الواقع المحدد -هذا المبلغ ما لم يكن كذلك يعاقب هو نفسه بثمانين جلدة، بتهمة البلاغ الكاذب.
ثم ترد منذئذ شهادته أمام القضاء، والله يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست