responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 273
يصبح وقد ستره الله فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه" [1].
ما الفائدة التي يجنيها امرؤ في الواقع من أن يجعل الآخرين شهودًا على سقوطه؟ ولماذا يضم إلى فساده ومجونه وقاحة الاستعلان به، بدلًا من أن يستره حياء، كما يستر عورته؟ وأي جنون أن يجلب امرؤ على نفسه احتقار الناس، فضلًا عن احتقار الله له، واحتقار ضميره ذاته؟ وأي جنون أن يضيف في النهاية إلى شقائه الأخلاقي شرًّا ماديًّا على جانب من القساوة كبير؟
ومع ذلك فهناك من يفعلون ذلك قصدًا، وهم على بصيرة من الأمر، هناك من يجيئون يطلبون عقابهم، كيما يشبعوا حاجة ظاهرة إلى التوبة، ويتحملون في ثبات أشد الآلام فظاعة، دون أن يجدوا في ذلك شقاء، بل إنهم يستشعرون فيه سعادة عميقة وشافية، ويرونه وسيلة إلى أن يتخلصوا نهائيًّا من دنسهم الأخلاقي.
إننا نتخذ تجاه هؤلاء -على العكس- موقفًا فيه الكثير من التعاطف معهم، ونستشعر إعجابًا عميقًا بلمحتهم البطولية.
بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الرغم من أنه تباطأ -ابتداء- في تقبل اعتراف ماعز، لم يكتف -انتهاء- بالنزول على إلحاحه، ولكنه أكبر شجاعته، وعرف لرجوعه إلى الله قيمته العليا، فقال, صلى الله عليه وسلم: "لقد تاب توبة لو قسمت على أمة لوسعتها" [2]، وأثنى كذلك على ما قاسته المرأة

[1] انظر: البخاري, كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه.
[2] انظر: صحيح مسلم, كتاب الحدود, باب 51.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست