responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 272
الناس -دون قصد مني- وكان يحاول أن يسرقني، أو يرتكب خطأ أخلاقيًّا شخصيًّا، بل لو قبضت عليه متلبسًا بجرمه، فلست ملزمًا بأن أقدمه للعدالة، وقد كان من توجيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أسلم، يقال له: هزال: "يا هزال، لو سترته بردائك لكان خيرًا لك" [1] -أي: إننا في تقديمنا إياه إلى العدالة يجب أن نكون -في غالب الأمر- على بصيرة بأمره، ومراعاة لجميع الظروف التي أقدم فيها على فعلته، فعلى حين أن من الأفضل لخير الناس جميعًا أن يسلم محترف الجريمة الشرير إلى السلطة الشرعية، نجد أن المسكين الذي ربما أخطأ صدفة، وبتأثير الضعف -قد يستحق أن يشمله عفونا[2].
ومن ناحية أخرى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستهجن ذلك الميل الخطير لدى بعض الناس، الذين يقعون في الحرام خفية، ثم إذا بهم يثرثرون بما فعلوا، وينشرون قصة مغامرتهم هذه، فرحين غير مبالين، يقول الرسول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم

[1] الموطأ, كتاب الحدود, باب 1.
[2] قال ابن حزم في المحلى 11/ 185: "فنظرنا في ذلك فوجدنا قد صح بالبراهين التي قد أوردنا قبل، أن الحد لا يجب إلا بعد بلوغه إلى الإمام، وصحته عنده، فإذ الأمر كذلك فالترك لطلب صاحبه قبل ذلك مباح؛ لأنه لم يجب عليه فيما فعل حد بعد، ورفعه أيضًا مباح، إذ لم يمنع من ذلك نص، ولا إجماع، فإذ كلا الأمرين مباح فالأحب إلينا، دون أن يفتى به، أن يعفى عنه ما كان وهلة ومستورًا، فإن آذى صاحبه وجاهر فرفعه أحب إلينا"، وغرض الظاهرية من هذا الموقف أن يرجح دائمًا الجانب الذي يحقق مصلحة الجماعة والفرد معًا، فإن تعارضت المصلحتان قدمت مصلحة الجماعة وأدب الفرد تأديبًا بقدر ما يستحق بانحرافه، وفي ذلك أيضًا تربية لمن تقع له عورة مسلم، أن يسترها، إيثارًا وترفعًا عن التعرض لأعراض الناس، حتى من يقعون تحت طائلة القانون. فأين هذا ممن يلغون في أعراض الأبرياء، ومن حرفتهم تلفيق التهم للعباد ونشر الأكاذيب لتدمير أخلاقيات المجتمع، وهدم سمعة الأفراد؟! "المعرب".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست