responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 271
وإذن فلسنا نستطيع أن نخرج من هذا اليقين الأولي إلا بيقين عكسي، أي: إنه يجب أن نستنفد كل الفروض المعقولة لمصلحة المتهم، وألا ندينه هكذا اعتباطًا، على حين يمكن أن تثبت براءته بسبب صحيح[1].
وإليك الملاحظة الثالثة والأخيرة، التي تمس أساس المشكلة ذاته، فنحن إذا أكدنا أن التشريع الإسلامي لا يسعى إلى كشف الجرائم الخاصة، وأنه لا يلزم أحدًا، ولا يدعوه أن يعترف بها -لم يكن هذا القول كافيًا، فالحقيقة هي أن المصدرين الرئيسين للتشريع الإسلامي لا يكتفيان هنا بمجرد الامتناع، وإنما يتخذان موقفًا واضحًا وصريحًا. فالقرآن يحرم علينا صراحة أن نستطلع أسرار إخواننا، فقال سبحانه وتعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا} [2]، وهكذا يقطع نصف الطريق على الواشين. وليس يخضع للقضاء سوى الرذيلة التي تتفشى، وتعرض نفسها، وتتحدى، أما حالة الإنسان الذي يستتر، وترتعد فرائصه حين يخضع لأهوائه، وهو الواقع الذي لا ينكشف لنا، لا بذاته، ولا بوساطة صاحبه فإنه سوف يكون من اختصاص محكمة أخرى غير محكمة البشر، والطريقة التي سوف يحاكم بها تتجاوز معرفتنا الراهنة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" [3]، وحتى لو أنني فاجأت أحدًا من

[1] ونقول "صحيح"؛ لأن أي افتراض وهمي، أو معارض بالوقائع لن يقوى -كما بين ابن حزم في كتابه "المحلى" جـ11 ص243- على أن يفرض إدانة، أو يؤسس براءة، وإذن فمن الواجب ألا نحمل القولة القانونية المشهورة: "ادرءوا الحدود بالشبهات" -على معنى شامل غير مسلم به، وهي قولة معدودة غالبًا على أنها حديث، مع أن أصلها في الواقع لا يرقى إلى أكثر من الجيل الثاني من المسلمين، ولكن حين قيدت القولة على هذا النحو وفسرت كما هو مطلوب، أصبح ممكنًا قبولها، بل قبلت فعلًا من الجميع.
ومع ذلك يروي الترمذي قولة أخرى شبيهة بهذه، ويرفعها إلى النبي, صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم".
[2] الحجرات: 12.
[3] من حديث في البخاري, كتاب الإيمان, باب 10، وهو نص مبايعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لجماعة من أصحابه منهم عبادة بن الصامت. "المعرب".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست