و171 ب". وبهذه الاعتبارات الأخلاقية المحضة شرع القرآن في أداء عمله التربوي، بصورة جوهرية، وهي اعتبارات ترى في سردها ثروة من الألفاظ، يكرم بها القرآن الفضيلة، ويصم الرذيلة.
ويكون مجموع هذه البراهين، صريحة وضمنية -المجموعة الأولى من التوجيهات القرآنية.
فلننظر الآن في المجموعة الثانية.
ب: "اعتبارات الظروف المحيطة وموقف الإنسان":
وننتقل الآن من المسوغات الباطنة إلى الجزاءات الظاهرة، مستطردين في منطقة وسيطة، تعتبر بصورة ما فترة انتظار تسبق هذه الجزاءات، ولكنها لا تعد واحدًا منها، بل هي على الأكثر تشعر بها إشعارًا غامضًا، بعيدًا عن التحديد.
ولنؤكد بادئ ذي بدء أننا لا نفكر هنا في الرأي العام، إذ إن "القيل والقال" حين يكون غير مشروع، لا ينبغي مطلقًا أن يقلق مؤمنًا حقًّا يمضي في حياته على مثل أعلى يتخذه قاعدة ونموذجًا للسلوك وهو المثل الأعلى الذي مضى عليه المؤمنون: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [1], {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [2], فالمؤمن الحق، متى دخل حظيرة الإيمان، لا يعبأ إلا بالأساس الذي قام عليه إيمانه، ومع ذلك فإلى أي مدى يمتد السلطان الذي يمارسه اعتبار الرأي العام على الإرادة الفردية، [1] الأحزاب: 39. [2] المائدة: 54.