responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 333
ولكن لماذا نصر على إحداث هذه التفرقة الأساسية للضمير الإنساني الذي لا يقبل الانفصام؟ إنني أفهم جيدًا أن من الواجب عليَّ، عند اصطدام الواجب بالمنفعة، أن أضحي لأجل الأمر العلوي لواجبي، لا برغباتي فحسب، بل بغرائزي الأولية، بما في ذلك حياتي. ولكن، حين لا يكون اصطدام، أيمكن ألا يبالي المرء حقًّا بذاته؛ أن يتأفف من مقتضيات فطرته العميقة.
إن الحكيم الرواقي لا يجد بدًّا من الاعتراف بأنه إذا لم يكن هذا بالنسبة إليه ضرورة، فإنه على الأقل ترجيح وتفصيل. ومع ذلك فهل يمكن لأحد أن يتأثر بروح الزهد أكثر من المسيح؟ ألم يبتعد عن المكان حين عرف أن الفريسيين تشاوروا عليه لكي يهلكوه؟ ... [1] وحين أحس بالخيانة تقترب ألم يلجأ إلى الله، يدعوه أن يجنبه هذه الكأس, "وقال: يا أبا الآب، كل شيء مستطاع لك، فأجز عني هذه الكأس، ولكن ليكن، لا ما أريد أنا، بل ما تريد أنت"؟ [2].
عندما أرى الغريزة والذكاء، الإيمان والعقل، واجبي ومصلحتي -كل ذلك يتجه نحو نقطة واحدة، وعندما أسمع من كل جوانحي نفس الصيحة، نفس النداء، نفس الأمر, فهل من حقي أن أقول -مفتخرًا-: إني لم أستجب إلا لصوت وحيد، وإني لم أتحرك إلا بدافع الواجب وحده، وإن العوامل الأخرى لم تؤد أي دور، أساسي أو ثانوي، في قراري؟ كيف أتحقق من هذا؟
ألم يعترف الفيلسوف "كانت" هو أيضًا، بالرغم من طابع مذهبه المتشدد لشخص الإنسان بحق الدفاع عن نفسه باعتبار أنه حق لا يمكن انتهاكه, لا بوساطة الغير، ولا بوساطة الإنسان نفسه؟

[1] إنجيل متى 12/ 15.
[2] إنجيل مرقص 14/ 36.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست