لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [1]، وقوله {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [2]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [3]، وقوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [4].
غير أننا إذا ما نظرنا إلى حقيقة الأمر نجد أن جميع الأوامر النبوية لا تفرض تكليفًا نهائيًّا، مهما يكن شأنه، شرعيًّا أو دينيًّا، إلا بقدَرٍ, وبشرط أن ترتدي الفكرة التي يشتمل عليها صفة الوحي، صراحة أو ضمنًا.
فإذا عدمت هذه الصفة الإلهية لم يعد للدرس أو المثال الذي قاله "الإنسان" سلطان على أحد.
وقد وردت هذه التفرقة مشارًا إليها في النص القرآني، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [5].
على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي قرر ذلك بأوضح وجه وأصرحه، حين قال: "إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله" [6].
ولم يكتف النبي -صلى الله عليه وسلم- بإعلان أن آراءه حول أمور الدنيا ليست معصومة [1] النساء: 65. [2] النساء: 80. [3] الحشر: 7. [4] النور: 56. [5] الأنفال: 24. [6] رواه مسلم - كتاب الفضائل - باب 38، والفقرة الأولى من النص الذي ذكره المؤلف من حديث عن رافع بن خديج -رضي الله عنه- والفقرة الثانية من حديث عن طلحة بن عبيد الله، وكلاهما وارد بمناسبة حادثة تأبير النخل: "المعرب".