ومن الثابت في هذا العلم أن الأفراد الذين يعجزون عن أن يكونوا موضع تكليف ليسوا بأقل أهلية لأن تتوجه إليهم الأوامر الوضعية.
ولذلك يفرض في مال الصبية والمجانين ما يفرض في مال الآخرين من أفراد الجماعة، ومتى ما أديت هذه الفرائض في أوانها أصبحت الشريعة مستوفاة استيفاء كاملًا، بمعنى أن هؤلاء الأفراد القاصرين عندما يبلغون، أو يستردون شخصيتهم الأخلاقية لن يلزمهم أن يدفعوا مرة أخرى بالنسبة إلى الماضي، دفعًا مقرونًا بالنية.
وها نحن أولاء من خلال التفرقة التي أجريناها بين "واجب العمل" و"واجب الكينونة" -قد أبرزنا فائدة تلك الفكرة القانونية القديمة، بل جعلناها أكثر وضوحًا، وأشد بساطة، وبسطنا امتدادها إلى الأفعال الأخلاقية. أما وقد بسطت ووسعت هذه الفكرة على هذا النحو، فإنها تصبح قادرة على أن تحل مباشرة المجموعتين من الصعوبات التي صادفناها آنفًا، ولن يكون من العسير أن نتحقق من صدقها في جميع الحالات المذكورة من قبل؛ فردية أو اجتماعية، والتي كان فيها للفعل الذي تم عن جهل، أو بالإكراه -نصيب من القبول والموافقة.
هل نحن بحاجة إلى القول بأن كل هذه المحاولات ليس الهدف منها أن نرد إلى الموضوعية في الأخلاق اعتبارها، وأن نخلع بعض القيمة على العمل غير المصحوب بالنية؟!
من البداهة بمكان أن فعلًا كهذا لا يمكن أن ينسب إلى أحد من الناس، فهو عمل يبدو وكأنه لا يحمل اسمًا، ولا يعقب أدنى فضل للفرد. ولقد رأينا كيف أن المدرسة العراقية، وهي أقل المدارس اقتضاء في موضوع النية كشرط "لصحة الفعل" تنضم إلى المدارس الأخرى في حتمية وجود