الطريقة التي تحدث بها هذه الحالة، بل لا ينبغي أن يستثنى من ذلك أن تحدث بوساطة الصدفة، أو المعجزة. ومن الواضح في هذه الظروف أن النتيجة التي يحصل عليها بأية وسيلة، سوف تعفينا مطلقًا من تكاليفنا، حيث كان الواجب أن يكون شيء فحسب، ولقد كان.
وعلى ذلك, فإننا نعتقد أن هذه الاستثناءات كلها تقوم على سبب عميق هو أننا ندرك أحيانًا من وراء الواجب الإيجابي الفعَّال الذي يقتضي بالإجماع حركية الإرادة -ضرورة أخرى سلبية أو منفعلة، أي: واجبًا ساكنًا1 "غير حركي" إن صح التعبير.
ولقد نتصور بعض القوانين على أنها لا تستوجب فحسب نشاطًا من جانبنا، ولكنها تستوجب كذلك نتيجة ينبغي بلوغها بأي ثمن، بل وقد لا تستهدف غير هذه النتيجة. وأما مسألة معرفة ما إذا كان هذا القانون أو ذاك له فعلًا أهداف كهذه -فهي مسألة تفاصيل، تهم أكثر ما تهم حالات التطبيق، ونحن لا يعنينا سوى أن نستخرج وجهة النظر العامة، التي تحكم كل هذه الترخصات.
وقد ميز علم أصول الشريعة الإسلامية في شرح القانون بين ضربين:
أولهما: خطاب تكليف، وهو الذي يقوم على فعل شيء أو تركه.
وثانيهما: خطاب وضع، ويراد به وضع الشروط والأسباب، وبيان حال الصحة وعدمها[2].
1 عبارة "حركية الإرادة" هي ترجمة لعبارة le dynamisme وعبارة "واجبًا ساكنًا" ترجمة لعبارة un devoir statique -وهما متقابلتان. "المعرب". [2] انظر في هذا الموافقات للشاطبي 1/ 287. "المعرب".