لا يرونه باطلًا مطلقًا، أو ذنبًا، وحسبه أنه يكفي لإبراء صاحبه من التكليف بإعادته مع النية.
فإذا أتى هؤلاء الشراح إلى افتراض أن الحديث ينص على الإبطال الكلي للعمل غير المصحوب بالنية، التزموا بتقييده، حيث يطبقونه فقط على الواجبات الأساسية، التي يؤمر بها لذاتها، لا لغيرها من الواجبات الأخرى.
ومن ثم تفيد أشكال الطهارة من هذا التجاوز؛ لأنها لم يؤمر بها إلا كمقدمات للصلاة، التي تعتبر هنا الواجب الأول.
هذا التفسير المزدوج لا يبدو لأعيننا كافيًا؛ لأنه في جزئه الأول يهمل المعنى الحقيقي للكلمات دون ضرورة ظاهرة، وهو في جانبه الثاني يستبعد جميع الواجبات المساعدة بصورة منهجية، على حين أن من بينها واجبات ينبغي أن تؤدى صراحة -تبعًا لنفس المذهب- باعتبارها واجبات: "ومن ذلك الطهارة الرمزية التي يطلق عليها: التيمم".
ولسوف نحاول من جانبنا أن نستخلص السبب الحقيقي في هذا التجاوز، لدى هؤلاء وهؤلاء.
وفي رأينا أن جميع الحالات المتجاوز عنها لا تمثل تقييدًا يرد على مبدأ النية، وإنما هو مجرد اختلاف في فهم الموضوع الذي تستهدفه قاعدة أو أخرى من القواعد العملية. وهذا الاختلاف ينحصر في كلمتين: "العمل"، و"الكينونة"، والواقع أنه طالما كان الأمر أمر نشاط تجب ممارسته، فإن هذا النشاط لا يمكن أن يكون إلا إراديًّا، ولن تكون له الصفة الأخلاقية، إلا إذا كانت الإرادة قائمة على الطابع التكليفي لهذا النشاط. فالأخلاقية والنية صنوان لا ينفصمان.
فأما إذا كان الأمر بالعكس, مجرد حالة حدوث، فهنا لا تهم كثيرًا