جرم العمل، والحالة الأولى هي حالة عمل مطابق للشرع مع نية مخالفة، والحالة الثانية عكس الحالة الأولى.
1- فعندما يخطئ من يقوم بعمل ما في حقيقة الطبيعة الأخلاقية لهذا العمل، ثم ينفذه مع تصوره أن مشروعه يسير ضد القاعدة، وهو ينوي مخالفة الواجب -فليس من شك في أنه يدين نفسه بهذه الطريقة في السلوك. هنا نجد أن "مادة العمل ليست بشيء، وأن النية هي كل شيء"، وذلك هو الحكم الصريح لفقهاء المسلمين بإجماع.
والأمثلة التالية ترينا بصورة كافية كيف أنهم يمدون هذا الحكم إلى كل مجالات الواجب، ومن ذلك أن يستولي رجل على مالٍ يعتقد أنه لغيره، ولكنه في الواقع ماله الخاص. وآخر: يخطئ الحكم على عصير فاكهة قدم له، فيأخذه على أنه خمر، ويشربه بهذه النية، على حين أنه غير محرم فعلًا. وثالث: يعتقد أنه سوف يموت في ساعة معينة، ومن ثَمَّ يجد نفسه مضطرًّا إلى أن يصلي مقدمًا، دون أن يؤدي هذه الصلاة في وقتها، مع أن مخاوفه لو تبددت لأداها في أوقاتها العادية. وعلى سبيل الإيجاز: إن كل من يشرع في عمل خاطئ في نظره، وإن كان مشروعًا في ذاته، يرتكب بهذه النية الآثمة جريمة في حق الشرع الأخلاقي، على الرغم من هذه المطابقة المادية، التي تنجيه قطعًا من الجزاء الشرعي.
2- أيكون الأمر على هذا النحو في الحالة المناقضة؟ وهل للنية الحسنة هذه القوة المغيرة التي تجعل الشر خيرًا؟
وإليك مثالًا: فنحن نعلم أن كثيرين من الناس شديدو التأثر والحساسية تجاه مقدساتهم، لدرجة أن أية إساءة توجه إلى آلهتهم الزائفة، التي يعبدونها -قد تستدعي من جانبهم أن يجدفوا في حق الله المعبود بحق؛ ومن ثم نهى