responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 446
والفاعلية لم نخص بها الإرادة الطيبة، فقد يعتقد أن لنا شأنًا في مفهومين مختلفين لقيمة العامل الباطني، الذي يبرز أحيانًا وينزوي أحيانًا أمام العنصر المادي, وإنا لنعرف الآن أن هذين الحكمين لا يصدران إلا عن مبدأ أخلاقي واحد، أعني: إن كان اقتضاء الشكل والمادة معًا. فإذا ما نقص أحد هذين العنصرين فإنه يظهر فاعليته بالفراغ الذي يتركه خلفه في العمل الأخلاقي، وفي عجز العنصر الآخر المتبقي، عن أن ينشئ وحده الفضيلة الكاملة.
والواقع أن الخير الأخلاقي، في مجموعه، لا ينحصر في حالة باطنية محضة، ولا في حالة ظاهرية محضة، بل هو ينحصر في الانتقال من إحداهما إلى الأخرى، وهو انتقال، لكي يكون جديرًا باسمه، يجب أن يضم كلا العنصرين على سواء، ولا حاجة لأن نؤكد عجز العنصر المادي، ذلك أن العمل الظاهري الخالص، وهو عمل يليق بإنسان غبي كالآلة، قد يؤدي خدمات مفيدة للمجتمع، ولكنه سوف يظل دون علاقة بشخصيتنا. ولقد يستطيع فعلًا -على حسب تعبير كانت- أن يوفر لنفسه الشرعية، ولكنه لن يستطيع مطلقًا أن يضمن الأخلاقية.
بيد أن البرهنة على القضية الأخرى تبدو مهمة عسيرة، أليس العنصر الروحي هو العنصر الجوهري في الواجب، إن لم يكن هو كل الواجب؟
إن هذه الفكرة مسلمة عمومًا، حتى إنه يبدو من باب التطاول أن نشكك فيها، أو أن نضع لها بعض القيود, ومع ذلك فإنها تحتاج إلى بعض التحديدات الضرورية.
وأول هذه التحديدات: أن فكرة "الإرادة" لا تشتمل فحسب على فكرة "القدرة" من حيث المبدأ أو الافتراض "فعمل الإرادة مستحيل في حال اليأس الواقعي والكلي"؛ ولكن من حيث كون "الإرادة" و"العزم" يتميزان، كما يتميز الحاضر من المستقبل، فالإرادة تفترض -كنتيجة مباشرة- نشاطًا خارجيًّا معينًا، لا يلبث أن يتحد معها خلال الزمن. والواقع أن

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست