نشاطه- أن نقدر بقيمتها الحقة مختلف ضروب الخير التي يتعين على العمل الأخلاقي أن يوجدها في العالم أو في أنفسنا.
ومن المقرر عمومًا تقسيم الواجبات إلى: واجبات نحو النفس، وواجبات نحو الغير، "والواجبات نحو الله ليست في نهاية الأمر سوى واجبات نحو أنفسنا، فطاعتنا أو معصيتنا لا يمكن أن تزيدا أو تنقصا شيئًا من العظمة الإلهية وقداستها". ولما كان هناك نوع من التقارب بين مفهوم النية، ومفهوم الواجب الشخصي، كما يوجد ارتباط واضح بين العمل الظاهر وعلاقاتنا الاجتماعية -فإن من الممكن بادئ ذي بدء أن نقوم بنوع من توزيع الخصائص، بأن نعين لهذين العاملين؛ الداخلي والخارجي، منطقتين مختلفتين من مناطق التأثير، ومن ثم تخرج إلى قيمة مساوية تقريبًا، للنية, وللعمل، وإن كان ذلك من وجهتي نظر مختلفتين: فللنية دورها في إثبات وتأكيد طهارة القلب، وشرف النفس، وفي كلمة واحدة: كمال الذات. وللعمل غايته في تأمين العيش الرغيد لإخواننا، وتنميته.
هذه الطريقة في النظر ربما تكون خاطئة من ناحيتين، فهي تعني من ناحية، أننا ننسى أن واجباتنا الاجتماعية لا تنحصر فقط في الأعمال الظاهرة, كما أن واجباتنا الشخصية، هي الأخرى لا تنحصر في الأعمال الباطنة؛ فإن علينا أن نحب جارنا، وألا نحسده، أو نحتقره ... وعلينا أن نحفظ حياتنا، وأن نكسب عيشنا اليومي بشرف، وأن ننظم نفقاتنا تنظيمًا عقليًّا، دون سرف أو شح ... ومن ناحية أخرى سوف يكون هذا إنكارًا للتماسك الذي أثبتناه بين النية والعمل في جميع الظروف، وبمناسبة كل واجب، أيًّا كان، روحيًّا أو بدنيًّا.
والواقع أنه يجب علينا, حتى عندما نبذل جهدًا لأنفسنا، من أجل تحسين صفتنا الأخلاقية الخاصة -أن نميز بين لحظتين مختلفتين: لحظة القرار