responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 458
التحليل أن نشهد نوعًا من الحركة الدائرية، التي تصعد أولًا من المركز إلى المحيط، لتتجلى في صورة خير موضوعي، ثم تهبط بعد ذلك من المحيط إلى المركز لتتحول إلى خير شخصي.
ولكن، قد يقال لنا: بما أن "الفعل" و"رد الفعل" يتقاصان بالتبادل على هذا النحو، وإن اختلفت نقطتا بدئهما، فلماذا إذن هذا التميز الذي تريد أن تخص به منهجيًّا العمل الباطني؟
ونجيب عن ذلك: بأن الدورين ليسا متشابهين قط. إذ إن العامل الباطني يصل في أهميته إلى درجة يصبح معها التحقق المادي للعمل مدينًا له مطلقًا بوجوده الأخلاقي, على حين أن الأثر الذي يمارسه الجانب المادي على الأخلاقي ليس إلا مكملًا له، ودعامة يمكنه أن يستغني عنها إذا لزم الأمر. فالعمل الباطني يمكنه أن يكتفي بنفسه إلى حد كبير.
وهناك فرق آخر ليس بأقل أهمية، هو أن نشاطنا الظاهر، الذي هو مرحلة وسيطة بيننا وبين الناس -قلما يتجاوز دوره كوسيلة للوصول إلى شيء آخر، في الخارج، أو في الداخل. على حين أن عمل القلب، الذي يستطيع أن يكون وسيلة ذات فاعلية من أجل خير الناس -هو في الوقت نفسه، وفي كل حال، إما "غاية في ذاته" وإما السبب المباشر، والموصل لهذه الغاية من حيث إنه يعتبر جوهر خيرنا الشخصي.
وبذلك نرى عيب جميع النظريات الأخرى، التي ترى أن العمل الأخلاقي من شأنه أن يتوجه إلى هدف معين خاص، سواء بأن يحبس الإنسان في داخل نفسه، أو بأن يستخدمه فقط لغايات خارجية غريبة عنه.
لقد بدأنا بأن ميزنا في الفعل الأخلاقي الكامل بين لحظتين: لحظة النية، ولحظة العمل، وميزنا في هذه بين: العمل الباطني، والعمل الظاهري.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست