responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 457
ألم يؤكد القرآن أن الإحسان يثبت النفس، فقال جل ذكره: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [1], ويطهر الإنسان، ويزيد في قيمته: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [1]. وهذا هو شأن الأعمال الصالحة كلها، كما قال الإمام الغزالي، فالهدف منها أساسًا تغيير صفات أنفسنا: "فلا تظنن أن في وضع الجبهة على الأرض غرضًا، من حيث إنه جمع بين الجبهة والأرض، بل من حيث إنه بحكم العادة يؤكد صفة التواضع في القلب، فإن من يجد في نفسه تواضعًا، فإذا استكان بأعضائه، وصوره بصورة التواضع تأكد تواضعه, ومن وجد في قلبه رقة على يتيم فإذا مسح رأسه وقبله تأكدت الرقة في قلبه". ويقول قبل ذلك الموضع: "وإذا حصل أصل الميل بالمعرفة فإنما يقوى بالعمل بمقتضى الميل والمواظبة عليه، فإن المواظبة على مقتضى صفات القلب، وإرادتها بالعمل تجري مجرى الغذاء والقوت لتلك الصفة، حتى تترشح الصفة، وتقوى بسببها، وإن خالف مقتضى ميله، ضعف ميله وانكسر، وربما زال وانمحق، بل الذي ينظر إلى وجه حسن مثلًا، فيميل إليه طبعًا ميلًا ضعيفًا، لو تبعه وعمل بمقتضاه، فداوم على النظر والمجالسة، والمخالطة والمحاورة، تأكد ميله، حتى يخرج أمره عن اختياره، فلا يقدر على النزوع عنه، ولو فطم نفسه ابتداء، وخالف مقتضى ميله لكان كقطع القوت والغذاء عن صفة الميل، ولن يتأكد ذلك إلا بالمواظبة على أعمال الطاعة، وترك المعاصي بالجوارح؛ لأن بين الجوارح وبين القلب علاقة، حتى إنه يتأثر كل واحد منهما بالآخر، فالقلب هو المقصود، والأعضاء آلات موصلة إلى المقصود"[2].
فهذا تحليل سريع للمفهوم الإسلامي للعلاقة بين العنصر الباطن، والعنصر الظاهر، ودور كل منهما في أي فعل أخلاقي تام. وقد استطعنا خلال هذا

[1] البقرة: 265.
[2] الإحياء 4/ 356-357 ط الحلبي.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست