responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 478
وإنما يقع في هذا الصالحون من الناس، أولئك الذين قد يجدون بحق، كل عناء في تمييز دوافعهم الحقيقية، وفي تهدئة وساوسهم في هذا الموضوع.
وبالرغم مما يبدو في هذا من تناقض، فمن الممكن القول بأنه على قدر ما يحققون من تقدم أخلاقي يجب أن تزداد مخاوفهم من ألا تسترهم في نظر أنفسهم تلك الطبقة السميكة من مكتسباتهم الجديدة، فتدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم إنما يعملون دائمًا حبًّا في الفضيلة.
ألا يحدث في الواقع أن يكتشفوا أحيانًا، وبعد فوات الأوان، أنهم كانوا في ذلك مخدوعين، وأنهم إنما كانوا يعملون في هذه المناسبة أو تلك لإرضاء النزعة الخفية من طبيعتهم؟
ولكن هل يمكن لهذه الأسرار العميقة، التي تنزع غالبًا إلى أن تختفي عن أكثر الاختبارات دقة -أيمكن أن تغيب عن رقابة الله الذي هو {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [1], {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} [2].
ولهذا نجد في الأخلاق الدينية -أكثر من أية أخلاق أخرى- ضرورة تفرض نفسها على كل فرد، هي أن يستعمل الدقة وعمق النظر في اختبار ضميره، بقدر ما يمارس من جهد شجاع لتحرير نفسه من كل تأثير، سوى التأثير الذي يفرضه الشرع، ويرضاه.
والحق أنه لا يوجد شرع عادل يكلفنا بأن نحمل أكثر مما تطيق فطرتنا، حتى ندرك ما لا نستطيع إدراكه، أو نجاهد ما لا نطيق هزيمته. ولكنا عندما توقفنا قوة هذه الفطرة، قبل أن نصل إلى نهاية الطريق، "فعند نقطة

[1] المائدة: 7.
[2] الملك: 14.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست