responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 477
ينوي بالنكاح اتباع السُّنة، إلا أن يقول ذلك بلسانه وقلبه، وهو حديث محض ليس بنية. نعم طريق اكتساب هذه النية مثلًا أن يقوي أولًا إيمانه بالشرع، ويقوي إيمانه بعظم ثواب من سعى في تكثير أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ويدفع عن نفسه جميع المنفرات عن الولد، من ثقل المؤنة، وطول التعب وغيره. فإذا فعل ذلك ربما انبعث من قلبه رغبة إلى تحصيل الولد للثواب، فتحركه تلك الرغبة، وتتحرك أعضاؤه لمباشرة العقد، فإذا انتهضت القدرة المحركة للسان بقبول العقد، طاعة لهذا الباعث الغالب على القلب كان ناويًا، فإن لم يكن كذلك فما يقدره في نفسه، ويردده في قلبه من قصد الولد -وسواس وهذيان"[1].
وقد نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ لأننا لو افترضنا أن هذا العلاج الأخلاقي قد استمر ونجح، لبقي أن الفطرة الحسية لم تنعدم لذلك. فهذا القدر الكبير من الأفكار، ومن المطامح، ومن العادات التي اكتسبت من جديد -يمكنه فعلًا أن يحد من سلطان ميولنا الغريزية، أو يخففها، ومع ذلك فإن هذه الميول تظل ماثلة، ولا يختنق صوتها قط اختناقًا كاملًا، بل إن الأمر ليصل أحيانًا، عندما يتزامن أمر العقل مع دافع الأنانية، أننا لا ندري -على وجه القطع- لأي الأمرين خضعنا.
ويجب أن نلاحظ جيدًا أن الذين قد يتسلط عليهم هذا الشك ليسوا هم العامة من الناس، أولئك الذين يطلقون العنان لأهوائهم، وليسوا أيضًا هم حديثو العهد بالدين، فهم قلما يتنبهون إليه. فمن الواضح أنهم لما كانت مبادئهم حتى الآن متفردة، لا تزاحمها مبادئ أخرى مضادة، فلا مجال لأن يخطئوا تبين المبدأ الواقعي الذي يلهم أعمالهم، ولن يكونوا بحيث يفسرون نواياهم الخاصة بتشابه الأقوال أو الصور، عندما تبدو لهم مظلمة أو غامضة.

[1] الإحياء 4/ 362 ط. الحلبي، وقد نقلنا هذا النص بصورة أوفى مما في الأصل.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست