responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 491
فقد رأينا في هذه الحالة أن الدافع الحقيقي لعملنا لا يمكن أن يكون هو القانون من حيث هو قانون؛ لأن هذا القانون يصلح للنقيضين على سواء، ومن ثَمَّ فهو عاجز عن تفسير أيهما.
ولما لم يكن وراء "القانون"، و"المنفعة" بالمعنى العام مبدأ آخر محتم للإرادة, فإن الدافع الحقيقي لعملنا هنا هو إذن وبالضرورة "الهوى" الذي نجده لإشباع حاجاتنا الفطرية. ولا ريب أنه ليس الهوى الأعمى المستبعد للعاطفة، ولكنه هوى مستنير خاضع للعقل. ولكن ما أهمية ذلك، إذ إن المصلحة دائمًا، لا القانون، تظل في هذه الحالة أساس اختيارنا الخاص؟! وقد كان دور القانون أن يزيح العقبة أمام طريق مزدوج، ولكن الفطرة هي التي أعطت الأمر بألا يُختار سوى واحد منهما، كما لو كانت هذه الفطرة تترقب هذه اللحظة المواتية، التي بدا لها فيها أن القانون لا يبالي، فاختارت ما تفضله عليه.
إن توقع الاختيار العام، والخضوع له، أمران لهما قيمة ثمينة، ولكن الاختيار الخاص لا معنى له من الناحية الأخلاقية، فهو ليس جديرًا بذم أو بمدح من حيث هو في ذاته، وذلكم هو الموقف الذي أطلقنا عليه "الموقف السطحي"، والذي يعبر في هذا المجال عن أدنى درجة في سلم الأخلاقية.
خامسًا: إننا لم نواجه حتى الآن الحالات التي تستحق أن تذكر على سبيل الاستحسان. فالنية الحسنة ليست هي النية التي تكتفي بتحذيرنا من المحرمات، وإخضاع رغباتنا لما هو مباح، إنها أكثر اقتضاءً، ويجب فضلًا عن ذلك أن تتوفر لها اعتبارات أخلاقية إيجابية، صالحة لتسويغ اختيارها للموضوع المرغوب. وهكذا نجد أن كسب الإنسان عيشه، وأكله حتى يشبع جوعه، وارتداءه لباسًا نظيفًا، واستخدامه للرفاهية، ومسامراته البريئة -كل ذلك وغيره من الأعمال الكثيرة المماثلة, خالٍ مطلقًا من أي معنًى أخلاقي ما دام

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 491
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست