responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 492
هدفه الوحيد -أن يمتعنا متاعًا حسنًا بالحياة، حتى ولو لم نقع في الإفراط المعيب.
وإذا كنا نقضي عمرنا في هذا -وهذه بكل أسف حالة الجمهرة من الصالحين- فإن جملة متاعنا سوف تكون بلا وزن ولا قيمة، ولن يكون لنا أي رصيد أخلاقي، كما أن وجودنا الثاني سوف يكون مفتقرًا بنفس النسبة. في حين أن هذه الأعمال ذاتها يمكن أن تصير ثروات أخلاقية، إذا ما تدخلت أسباب شرعية مرضية لتسد النقص في وجهتها، مثلًا، حين أحافظ على بدني، من أجل أن أطيق بشجاعة تحمل الواجبات التي كلفت بها، وحين أقصد بأحاديثي العادية المحضة أن أوثق صداقة نزيهة مع إخواني، وحين أمارس نشاطي في الميدان الاقتصادي فأتصور شيئًا آخر غير مجرد المتعة بالتملك، سواء أكنت أريد أن أجنب أسرتي، أو أجنب نفسي مغبة العيش عالة على المجتمع، أم كنت أحب أن أنشر السعادة بين هؤلاء الذين هم أقل حظًّا، أن أتيح لجماعات من الناس أن يكسبوا عيشهم بشرف، أن أزيد في ازدهار بلدي، أو أزيد في قيمة هذا الصنع الإلهي بصورة أعم، هذه الكرة الأرضية التي استخلفنا الله فيها، كما يتيح لجميع المخلوقات التي تسكنها أن تعيش، وتتنعم، وتمجد خالقها.
وهكذا نجد أن الحكمة الإسلامية لم تعين حدًّا إجباريًّا لكسبنا الشريف، وإنما فرضت على عقلنا تلك الطريقة في رؤية أعراض هذه الدنيا على أنها غير جديرة بأن نطلبها، لا من أجل ذاتها، ولا من أجل ما قد تجلبه لنا من متعة، ولكن نطلبها لغايات معقولة، تصبح بها الأشياء المباحة مستحبة أخلاقيًّا، أو مأمورًا بها.
ولذلك فإن الحكماء المسلمين لم يتميزوا بنوع خاص من الحياة، وإنما تجدهم يبرزون في كل مكان، وفرصة ظهورهم في الحقل، والمصنع، والدكان، لا تقل عن فرصة ظهورهم في خلوة الزهاد، وصومعة الرهبان.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست