responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 493
سادسًا: والواقع أن هنالك أمثلة نلمس فيها أجمل الشواهد على البعد عن الغرض، وهي أمثلة لا يهتم أصحابها بالحياة المادية، إلا لمامًا، وفي مناسبات نادرة، بقدر ما يصلح للقيام بحاجاتهم العاجلة، دون الاحتفاظ بشيء إلا ما يكفي للفترة ما بين عملين.
هناك رجال خلوا من أعبائهم الأسرية فعكفوا عكوفًا كاملًا على تثقيف قلوبهم، وعقولهم. ومع أنهم كانوا ملتزمين في الوقت نفسه بخدمة الدولة، في الجهاد العام، وكانوا بذلك في كفالة الأمة -فإنهم لم يكونوا يلمسون من عطائها غير القوت الضروري الذي يضمن بقاءهم، ثم يهبون كل فائض بعد ذلك.
كانت هذه حال جماعة معروفة باسم "أهل الصفة"، الذين أشار إليهم القرآن في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} 1، ومن الحالات النموذجية بين هؤلاء حالة أبي هريرة. وقد كان منهم أيضًا من تتاح لهم فرصة الحصول على نصيبهم في توزيع عام، وهم الذين يقومون بتوزيعه، ولكن عدم الاهتمام بمثل هذه الأشياء جعلهم ينسون أنفسهم، وهو ما حدث مع عائشة أم المؤمنين.
وكان منهم أخيرًا أناس لم يترددوا، وهم على علم تام بنتيجة عملهم، أن يهبوا إخوانهم ما كانوا هم بحاجة إليه، ونزل فيهم قوله تبارك وتعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [2]، وقد

1البقرة: 273.
[2] الحشر: 9.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست