القرآن قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [1].
وقوله: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [2].
وقوله: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِير} [3].
أما فيما يتعلق بالثمرات الطبيعية للعمل فحسبنا أن نتأمل حالة الرجل الذي يهم بعمل خبيث، ونتأمل الفرق في ضميره بين ثقل الشر الموجود في موضوع نشاطه المباشر وبين الخطر الأخلاقي لهذا الشر نفسه، عندما يكون قد تأمل امتداده، سواء من خلال انعكاساته القريبة والبعيدة، أو بفعل انتشار القدوة السيئة، التي سوف يعطيها للآخرين.
إن الذنوب التي قد تبدو لنا من أول وهلة -ذات أهمية ضئيلة، لا تلبث- بعد أن نتناولها من هذه الزاوية -أن تكشف لنا عن شناعة، وأن تجعلنا نقيس المسئولية التي تصدر عنها على أوسع مدى، بحيث يمكن أن يقال: إن الأخلاقية تزداد هنا عمقًا، كلما كسب أفق العمل مجالًا متسعًا.
إن هذا المبدأ هو الذي يسوغ قولنا: إن ترويج درهم زائف أشد خطرًا من سرقة مائة درهم، نظرًا إلى استمرار الغش الذي يحتمه هذا العمل في تداول النقود، فعلى المروج وزرها، بعد موته، إلى أن يفنى ذلك الدرهم.
وقد استطاع الغزالي استنادًا إلى هذا المبدأ أن يقول: "ومن نظر إلى [1] الكهف: 6. [2] النحل: 127. [3] هود: 12.