هنالك أولًا حالات تصلح فيها هذه الطريقة في تقدير الأعمال بنتائجها الموضوعية، التي يمكن أن تستتبعها، لا في رفع درجة تشددنا الأخلاقي فحسب، أو في النظر بعين الخطورة إلى أخطاء كنا من قبل نعتبرها أقل خطرًا، بل إن هذه الطريقة قد تصلح أحيانًا في تغيير طبيعة أحكامنا ذاتها، المتعلقة بهذا العمل أو ذاك.
فهل هناك ما هو أكثر منافاة للقانون من ترك الجريمة دون عقاب، وترك الباطل يغتصب مكان الحق، وترك الظلم يتسلط؟؟
ولكن، إذا كان اللوم الذي يوجه ضد خطأ معين يثير من الأخطاء ما هو أشد خطرًا، وإذا كان التشهير بالباطل يستتبع إظلام الحقيقة، وإذا كان التمرد على الطاغية، مع العجز عن إقرار النظام، لا يؤدي إلا إلى إراقة دماء الأبرياء، وجعل الاستبداد أشد تحكمًا، كما لم يكن -إذا كان ذلك جائز الحدوث، أوليس هذا هو موضع تطبيق المبدأ المشهور: "تجنب أسوأ الشرين، وتقبل أخفهما"؟؟
وسوف لا يقتصر الأمر على أن نقول: إنه "من الممكن"، بل "من الواجب" أن نعتبر مقدمًا جميع النتائج التي يمكن التنبؤ بها، والتي يمكن أن يؤثر اعتبارها من قريب، أو من بعيد, على تنظيم الواجب الحسي، وتحديده بذاته.
والشاطبي، والحق يقال، يعترف بذلك في مواضع أخرى.
ولقد نلاحظ حقًّا في هذه الحالات، أن النظر الذي نوجهه إلى الأثر أو المسبب لا يزودنا "بدافع للعمل" ولكنه يزودنا على الأصح، بشرط أو "مسوغ للتشريع" أي: إن فائدة هذا النظر في دفع الإرادة أقل من فائدته في إضاءة الطريق أمام فهم الواجب، طالما أنه ينبغي أن يتم، من قبل أن