responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 537
ولكن إذا كان الأمر كذلك فكيف نفسر هذه الصرامة التي لجأ إليها أكثر الحكماء والنساك في الإسلام؛ ليحرموا على أتباعهم، وأحيانًا على أنفسهم، أن يقبلوا على عمل من قبيل المباح فقط، أو ينتفعوا برخصة، وأن يتخلوا عن نزعاتهم حتى ما كان منها أكثر اتصالًا بالشرع، اللهم إلا في حالة الضرورة القصوى، التي يفرضها الحفاظ على الحياة؟ كيف نفسر هذا؟
والواقع أن منهجهم يتطلب أن يستشير كل فرد هواه، لا لكي يتبعه، بل لكي يأخذ جانب المعارضة منه تمامًا[1]، وهم يعلنون ضرورة أن يشغل المرء نفسه بواجب جوهري، هو "الواجب"، أو بواجب كمال هو "المندوب"، وهم يرون صراحة أن الإنسان مكلف بأن يقف في مواجهة الأشياء المباحة: "المباحات" -تمامًا كما يقف من الأشياء المحرمات. أليس في هذا خلط لنظامين اهتمت النظرية اهتمامًا كبيرًا بالتفرقة بينهما؟ وهل من المستطاع أن نوفق بين هذا الرأي، وتعاليم القرآن والحديث؟
أما فيما يتعلق بطريقتهم في صوغ تلاميذهم فإن لنا إجابة نستقيها من تعاليم الشيوخ أنفسهم، فهذه الصرامة في النظام، كما يقولون، ليست إلا نوعًا من العلاج يجب أن يفرضه المنتسبون على أنفسهم في مرحلة انتقال، تختلف طولًا وقصرًا، وهي طريقة لتحطيم قوة الشهوة الحسية في أنفسهم، التي تعتبر أقدم النزعات وأرسخها جذورًا في الفطرة الإنسانية، وبذلك يتم التمهيد لسيطرة العقل.
وكلنا يعرف التأثير المشئوم الذي يحدثه في النفس تعود التساهل، فلكي يتم استئصال هذه الرذيلة من أنفس المبتدئين يجب أن يتعاطوا أولًا دواء على

[1] انظر الحكيم الترمذي, كتاب الرياضة, ص345 و348 من المجموع. "المعرب".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 537
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست