responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 607
لقد تناولنا حتى الآن الحالة التي لا يكون فيها هذا الطبع الكريم، والخير هبة من الطبيعة، بل كسبًا للجهد، والعمل الذي يؤدى بعد هذه الهداية، هو مقابل مقاومة متجمعة، في الماضي، قليلة كانت أو كثيرة، وإن كان أداؤه الآن دون مقاومة كبيرة.
وإنا لنؤكد أن العمل الذي يتم في هذه الظروف -يرجع الفضل فيه إلى الكفاءة الشخصية، فالانبعاث الناشئ عن الجهد لا يناقضه، بل يستشعر فيه أنه أصله، فهو استمرار له وتتويج، باعتباره الغاية، والوسيلة.
ولقد يعترض علينا، بأننا حين نعلل على هذا النحو، نصور الإرادة الإنسانية، وكأن فيها تلك القوة المطلقة المغيرة للكائن الأخلاقي، بصرف النظر عن جميع القوى الأخرى التي تساعد على تغييره، بل ننظر إلى تلك الإرادة، مستقلة حتى عن الفضل الإلهي؟! وفي إجابتنا على هذا الاعتراض ننكره أشد الإنكار. فمما لا شك فيه أننا نقع في خطأ فادح، حين نرتكب خلطًا كهذا في عرض الأخلاق القرآنية. ولقد آن الأوان لنتحدث صراحة عما تركناه غامضًا في فرضنا. فلنقل إذن في كلمة واحدة: فِيمَ يتمثل تدخل هذا العامل العلوي، الذي يتجلى لنا في القرآن، وفي الحديث؟
وإنه ليتمثل لنا غالبًا، باعتباره يؤدي دورًا محددًا في تكوين الطبع الأخلاقي، فهو يأتي تلبية لجهد إنساني مستهل، أو منجز، وهو يجيء على إثر هذا الجهد، سواء لتغذيته ودعمه، أو لإثرائه، والإفضاء به إلى نتيجته. وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [1]، ويقول: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [2]، ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [3].

[1] العنكبوت: 69.
[2] محمد: 17.
[3] يونس: 9.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 607
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست