responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 610
مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} [1] -حينئذ يثور أمامنا سؤال هو: ماذا بقي إذن لجزائهم؟ وكيف نفسر حقيقة أن القرآن لا يدخر مدحًا إلا وجهه إليهم، ولا وعدًا حسنًا إلا أعده لهم؟
هنا تظهر بكل وضوح "المناقضة" بين "الجهد"، و"الانبعاث التلقائي".
فأما القائلون بالقيمة الذاتية وغير المشروطة للجهد فربما أرادوا أن يلطفوا من حدة رأيهم، فيقترحوا علينا صورة من الاحتكام. ويقولون لنا: إن غيبة الجهد في مواجهة شهوة مستبعدة لا يضعف الخلق، بشرط أن يبقى هذا الجهد في حالة تحفز وحركة لمجاهدة شهوات أخرى باقية، ولا يحدث إلا في الحالة القصوى -عندما تقهر جميع الأهواء الفاسدة- أن تصبح "الأخلاقية" غير ذات موضوع؛ لأنها سوف تخلي مكانها حينئذ "للقداسة".
هذا الحل لا يبدو لنا مقنعًا:
أولًا: لأن النصوص لا تفرق بين نفس أعفيت من هذا الصراع إعفاء كليًّا، وأخرى أعفيت منه جزئيًّا، وليس هذا فحسب، بل يبدو أنها تضفي أعلى القيم على النفس التي تبغض الرذائل كلها وتمقتها: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [2].
ومن ناحية أخرى فإن الصيغة، على الرغم من تلطيفها، قد اقتبست كثيرًا من المبدأ المتناقض، الذي بنيت عليه الصيغة القديمة، فهي تنظر دائمًا إلى الجانب "غير المهذب" من النفس؛ فلا خلق إلا بقدر ما يكون هناك من شرور، يجب مجاهدتها، فبين الأخلاقية والجهد "الدفاعي" علاقة وثيقة إن لم يكونا شيئًا واحدًا.

[1] الحجرات: 8.
[2] الحجرات: 7.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 610
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست