responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 659
فليعتكف العشر الأواخر" [1]. وكثيرًا ما كان يواصل الصوم، ليلًا ونهارًا، خلال أيام كثيرة متوالية، فيقال له في ذلك "إذ كان يفعل ما ينهاهم عن فعله" فيقول: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ " [2]، أو يقول كما في حديث آخر: "لا تواصلوا "، قالوا: إنك تواصل، قال: "إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني" [3].
وهنا ندرك الصفة النسبية للجهد المحمود، فليست القوة المادية، وحدها هي التي لا يتساوى نصيب الناس فيها، بل إن الطاقة الأخلاقية كذلك فما يعد إفراطًا وتعصبًا بالنسبة إلى بعض الناس، ليس كذلك بالضرورة بالنسبة إلى آخرين. وإذا دعم الحب، والخوف، والأمل النفس فإن سائر الآلام والمشقات التي يتعرض لها المرء لا يحس بها، أو تكون على الأقل محتملة، وهي في كل حال أقل إضرارًا. إنها تجلب السرور إلى القلب، والسعادة إلى النفس المخلصة، ولذلك أبدى جمهور من المسلمين الأوائل هذه الروح في التضحية الكريمة، ولم ينكر أحد مآثرهم. وإن القرآن ليشير إلى العمل المستبسل الذي أبداه "صهيب" في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [4]، وذلك أنه حين كان المشركون يقتفون آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الذين أرادوا الهجرة معه -أقبل صهيب مهاجرًا نحو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه نفر من قريش من المشركين، فنزل عن راحلته، ونثر ما في كنانته، وأخذ قوسه، ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلًا، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم.

[1] البخاري, كتاب الاعتكاف, باب 1.
[2] المرجع السابق, كتاب التهجد, باب 6.
[3] المرجع السابق, كتاب الاعتصام, باب 5.
[4] البقرة: 207.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 659
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست